هل يجوز أن أمارس شيئا من الاعترافات في هذه الزاوية؟!
إذن، اسمحوا لي أن أعترف أني كنت أشكل، في ذهني، صورة غير إيجابية عن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.
عندما بدأت الحوارات الوطنية السنوية، منذ نحو عشرة أعوام، كنت على رأس قائمة المتحمسين للمركز. كتبت بضعة مقالات عن الحوار الوطني الذي جمع أبناء الوطن؛ لأجل كونهم أبناء للوطن، بعيدا عن النظر لتوجهاتهم، أو انتماءاتهم، أو مذاهبهم، أو ميولهم.
لم يكن هاجسي وأنا أثني على الفكرة، حينها، أن أنقض السائد، ولا أن أذيب الانتماءات، أو المذاهب، بل كان همي، أن يبقى الوطن رابطا لأبنائه، يجمعهم، ويسمع حواراتهم، وخلافاتهم.
كنت ــ آنذاك منذ عشرة أعوام ــ أعرف تماما، وأحسب أني ما زلت أعرف، اليوم، أن ثمة كثيرين، يستغلون الحوار، لتأكيد التباين، وتعزيز الاختلاف.
وأعرف جيدا، أن هؤلاء، المساكين، ينزعون لهذا التوجه؛ لأنهم لا يستطيعون أن يعيشوا، إلا على ضفاف التطرف، ولا يتكاثرون إلا في أجواء التشدد.
وأنبه أيضا ــ في ذات السياق ــ إلى أن الحديث عن الحوار، والتوجه للتقريب بين أبناء البلد الواحد، لا يعني بحال تصحيح الخطأ، لكننا نحتاج أن نتحدث عن الأشياء الجامعة بيننا، وإلا فالأشياء التي تفرق بيننا، لو كانت هي الضابط والمحرك، لاقتتلنا، ولو كنا أبناء رحم واحد، وأتباع دين واحد، ومنتسبين لمذهب واحد!
أما الانطباع السلبي الذي كان في ذهني عن المركز، فهو أنه عقد الحوار، تلو الحوار، وأقر التوصية، بعد التوصية، فذهبت التوصيات أدراج الرياح، وأصبحت الحوارات أشبه ما تكون بالصرخة في وادٍ لا صدى فيه!
اليوم، أنا مدين للمركز، والقائمين عليه، باعتذار، لا أجد حرجا في توجيهه إليهم، فما رأيته الأسبوع الماضي، من نتائج أعمالهم، بما فيها تدريب مئات الآلاف من السعوديين على الحوار، عبر أكاديمية الحوار، ونشر ثقافة التسامح، والاعتدال، والترويج لقبول الآخر، بمعايير دولية، تنبع من أصول دينية ثقافية، يوجب الشكر لهم بالإضافة للاعتذار. ددننتظر منكم أكثر، فنحن لا نزال نحبو، ونستحق أن نعدو عدوا، وأنتم أهل لتأهيل العدائين في المحبة والحوار والقبول والتقبل!.