تعد منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) إحدى وكالات منظمة الأمم المتحدة، هدفها الإشراف على المبادئ والترتيبات المعنية بالطيران المدني الدولي، بما يضمن تطوره على نحو آمن ومنظم، ويحقق إنشاء خطوط دولية للنقل الجوي على أساس تكافؤ الفرص واستثمارها بطريقة اقتصادية وسلمية.
وتضطلع (الإيكاو) بالنهوض بصناعة النقل الجوي كمحرك رئيسي للاقتصاد العالمي وتسعى لتحقيق النمو المستدام للطيران المدني الدولي بهدف العمل على تطوير المبادئ والقواعد الفنية المتعلقة بالملاحة الجوية الدولية، ودعم تخطيط وتطوير النقل الجوي الدولي، وتشجيع تقدم الطرق الجوية، والمطارات، وتسهيلات الملاحة الجوية المعدة للطيران المدني الدولي.
ولمنظمة (الإيكاو) عدة أدوار منها: وضع السياسات والمعايير الدولية، إجراء عمليات التدقيق والامتثال للقواعد والتوصيات الدولية، القيام بالدراسات والتحليلات الاقتصادية والفنية، تقديم المساعدة وتبني قدرات الطيران من خلال العديد من الأنشطة الأخرى بالتعاون بين دولها الأعضاء وأصحاب المصلحة.
وتُعتبر منظمة (الإيكاو) إحدى وكالات الأمم المتحدة الفنية المتخصصة في مجال الطيران المدني الدولي، وتتألف من (193) دولة متعاقدة، تساهم في ميزانية المنظمة وفقاً للمعايير المستخدمة في الأمم المتحدة، وتقوم الجمعية العمومية الاعتيادية للمنظمة كل ثلاث سنوات بانتخاب مجلس دائم من (36) دولة، للفترة الثلاثية التالية، والتي تبدأ مباشرةً بعد انتهاء أعمال الجمعية العمومية، ويمثل الدول المنتخبة في المجلس مندوبون دائمون بغرض الإشراف ومتابعة تنفيذ قرارات الجمعيات العمومية المنصرمة والاستجابة السريعة للمتغيرات في أحد أكثر الصناعات حيوية وتغيراً.
ووفق اتفاقية الطيران المدني الدولي (اتفاقية شيكاغو 1944)، يتكون المجلس من (36) مقعداً، مقسمةً على ثلاث فئات هي: “الفئة الأولى” وهي الدول ذات الأهمية الرئيسية في مجال النقل الجوي، وجرت العادة أن تقر الجمعية العمومية تخصيص (11) مقعداً لها، “الفئة الثانية” وهي مخصصة للدول التي تقدم أكبر مساهمة في توفير التسهيلات للملاحة الجوية المدنية الدولية، وجرت العادة أن تقر الجمعية العمومية تخصيص (12) مقعداً لها، “الفئة الثالثة” وهي مخصصة لضمان التوزيع الجغرافي العادل، وجرت العادة أن تقر الجمعية العمومية تخصيص (13) مقعداً لها.
وفي هذا الصدد تتقدم المملكة ضمن مرشحي الكتلة العربية في الانتخابات التي سوف تعقد في الرباط أثناء انعقاد الجمعية العامة الاستثنائية في نهاية شهر مايو 2022م، إذ تلتزم الدول الأعضاء في التكتلات الإقليمية أدبياً بتبادل الدعم والتأييد مع نظرائهم في الكتل الأخرى، وعليه فإذا كانت المملكة ضمن مرشحي الكتلة العربية فإن نسبة فوزها بمقعد في مجلس الايكاو ستكون عالية جداً، وهذا يوضح أهمية أن تكون المملكة ضمن مرشحي الكتلة العربية ضمن الانتخابات وذلك يضمن بنسبة كبيرة دعم ترشيح المملكة. أما فيما يخص باقي الدول غير المنضوية تحت أي تكتل فيتم تبادل الدعم معهم بشكل ثنائي.
ويبرز أهمية أن تكون المملكة ضمن مرشحي الكتلة العربية بمقعد في مجلس الايكاو عن طريق الترشح من خلال التكتل الإقليمي لعدة اعتبارات أبرزها: قدرة المملكة على حماية المصالح العربية في مجال الطيران المدني من منطلق مكانتها السياسية والاقتصادية الدولية، فالمملكة ضمن دول الـ 20، وصاحبة أكبر إقليم معلومات طيران في الإقليم (FIR) وتقوم بتقديم خدمات ملاحة جوية تربط بين قارات العالم الثلاث (آسيا وإفريقيا وأوروبا)، وهو ما يتوافق مع تعريف منظمة الايكاو لدول الفئة الثانية للمجلس، إضافة إلى أن المملكة هي أكبر سوق حقيقي للنقل الجوي في الإقليم ويدعمه وجود 29 مطاراً منتشرة على مساحة المملكة الكبيرة.
كما أن المملكة تقدم خدمات البحث والإنقاذ في منطقة الشرق الأوسط عن طريق الأقمار الصناعية (COSPAS-SARSAT)، ولديها أكاديمية تدريب معتمدة من قبل منظمة (الايكاو)، وضمن برنامج “TRAINER PLUS”، وقيامها بشكل دائم بتقديم مقاعد تدريبية مجانية للدول العربية والأفريقية، ودعما لخطط (الإيكاو) في إقليم الشرق الأوسط من خلال أخذ المبادرة لوضع خطة إقليمية لأمن وتسهيلات الطيران في الإقليم (إعلان الرياض – مارس 2019)، وسيتبعه مؤتمر آخر في الربع الأول من عام 2022م لمتابعة سير مخرجات إعلان الرياض، ومناقشة أبرز التحديات التي تواجه قطاع النقل الجوي الدولي.
إضافة إلى ما سبق تستضيف المملكة وتتكفل بتشغيل مقر المنظمة الإقليمية للسلامة الجوية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA-RSOO)، والبرنامج التعاوني لأمن الطيران لإقليم الشرق الأوسط (CASP-MID)، ودعمها دائماً لمبادرة (الايكاو) “عدم ترك أي بلد وراء الركب” (NCLB) من خلال دعم برامج سلامة وأمن وتسهيلات الطيران المدني في الدول العربية ودول إفريقيا والمحيط الهندي من خلال المساهمات المالية والفنية وكان آخرها تبرع خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- بمبلغ مليون دولار أمريكي عام 2016م ومليون دولار أمريكي عام 2019م وخمسين ألف دولار أمريكي عام 2021م لدعم هذه المبادرة.
ومع التحديات التي فرضتها جائحة كورونا COVID 19 والمتعلقة بالصحة العامة والتأثيرات التشغيلية والاقتصادية على صناعة النقل الجوي حول العالم، وإفريقيا والشرق الأوسط بشكل خاص، استطاعت المملكة ومن مكانتها الريادية في تحقيق التحول الرقمي من خلال الجواز الصحي الرقمي وربطه مع منظمه (أياتا)، ومن خلال الدعم السخي لقطاع الطيران المدني وإنعاشه مما ساهم بشكل مباشر في تسهيل إجراءات السفر والتحقق من أهلية المسافرين الصحية حسب أفضل الممارسات الدولية لتشريعات الطيران المدني لحماية حقوق المسافرين وأصحاب المصلحة، وإنعاش قطاع الطيران.