بذلت المملكة العربية السعودية ممثلة في وزارة البيئة والمياه والزراعة جهوداً كبيرة في توطين مهنة النحالين، وقدمت برامجاً تأهيلية لتعزيز وبناء قدرات الشباب السعودي من كلا الجنسين، في مجالات تربية النحل وإنتاج العسل، وذلك للإسهام في التنمية الريفية والارتقاء بمهنة تربية النحل وتسويق العسل على المستويين الإقليمي والعالمي.
صحيفة “أصداء الخليج” التقت بالنحالة مريم الحسن أحد خريجات دورة توطين مهنة النحالين، في احتفالية مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بالأحساء بمناسبة يوم النحل العالمي في لولو مول الأحساء، وكان لها هذا الحوار.
– من هي مريم الحسن ؟
مزارعة ونحالة حاصلة على شهادة بكالوريوس إحياء عامة وشهادة إدارة أعمال مع مرتبة الشرف الثانية من جامعة الملك فيصل ومؤخراً حاصلة على شهادة “أساسيات تربية النحل” و “تشخيص ومكافحة آفات وأمراض النحل” من وزارة البيئة والمياه والزراعة، زوجة وأم لأربعة من الأبناء.
– كيف بدأت رحلتك مع النحل ؟
بداية كان اهتمامي بالبيئة والمحافظة عليها والزراعة العضوية ومنها انطلقت في عالم تربية النحل كونه أحد أهم الملقحات للنباتات والأزهار.
– ماهي الدورات والشهادات التي حصلت عليها ؟
كنت من المحظوظات اللواتي حضرن ضمن مشروع توطين النحل وتأهيل قدرات الشباب في مجالات تربية النحل وتسويق منتجاته، وقد حصلت من خلالها على شهادة “أساسيات تربية النحل” و “تشخيص ومكافحة آفات وأمراض النحل”.
– هل تطورت في مجالك ؟
نسعى دائما للتطور وتجربة الجديد والناجع في عالم تربية النحل ونأمل مزيد من الدعم والتطور.
– هل حظيت “الحسن” بدعم من جهة ما ؟
كان لحكومة سيدي خادم الحرمين وولي عهده الأمين الدور الأكبر في الدعم الذي حصلت عليه، ممثلاً في وزارة البيئة والمياه والزراعة، ولازال الدعم الفني مستمر من خلال قنوات التواصل مع الوزارة.
– هل بالإمكان توضيح سبب اهتمامك بعالم النحل ؟
تتجلى أهمية النحل من خلال قوله تعالى : (وَأَوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (سورة النحل آية 68 ـ 69).
ولا يخفى على أحد أهمية العسل في التشافي والتداوي بالعسل، ومن منتجات النحل كذلك العكبر الذي يعد مضاداً حيوياً طبيعياً وكذلك شمع النحل وسم النحل اللذان يستخدمان في صناعات تجميلية وعلاجية شتى، و للنحل أهمية كبرى كونه أهم الملحقات الحشرية وعليه يعتمد ما يقارب 80% من النباتات في تلقيحها وإتمام دورة حياتها.
– باعتقادك، هل هناك أعداء تتربص بالنحل ؟
للنحل في عالم الطبيعة أعداء كثر، منها ما يصنف ضمن الآفات ومنها ما يصنف من ضمن الأمراض، ومن آفات النحل طائر الوروار، حيث يأكل السرب الواحد منه ما يقارب ٥٠ ألف نحلة، ويمكنه إبادة مناحل كاملة خلال أيام معدودة، وكذلك الدبور بأنواعه، وتختلف خطورته على النحل باختلاف النوع مثل ذئب النحل ودبور البلح الاحمر والبلاك جكت وغيرها من الآفات التي يمكن السيطرة عليها بالعلم والمعرفة والالتزام بالبروتوكولات العلاجية الصحيحة.
– نعلم أن هناك أمرضاً قد تصيب النحل، وقد تفتك به، أو تؤثر على إنتاجية المناحل، فهل تعطينا معلومة عنها ؟
نعم، حقيقة هناك بعض الأمراض التي لا يسلم منها النحل، ومنها تلك الأمراض المعروف مثل: الفاروا والنوزيما وتكيس الحضنة وتعفن الحضنة بنوعيه الأوربي والأمريكي، وتحجر الحضنة الطباشيري وكلها أعراض واردة فالنحل يمرض كما تمرض باقي المخلوقات وعلى النحال الماهر ملاحظة الأعراض الأولية لتفادي الخسائر الفادحة التي قد يسببها الإهمال وقلة المراعاة.
– نعلم أن هناك أمراضاً قد تصيب النحل، وقد تفتك به، أو تؤثر على إنتاجية المناحل، فهل تعطينا معلومة عنها؟
للأسف يتجه العلماء في وقتنا الحاضر إلى تصنيف النحل ضمن الكائنات المهددة بالانقراض، بسبب التناقص الكبير في أعداده عاماً بعد عام، فقد سجل في أحد الأعوام ما نسبته 30% من الفقد خلال فصل الشتاء وحده في أمريكا وكندا، وهذه تعد نسبة خطيرة، وكذلك لوحظ هذه السنة ظاهرة الموت والاختفاء المفاجئ لخلايا النحل في المغرب، فأحد النحالين المغربيين خسر ٣٠٠ خلية في وقت واحد.
– بسبب هذه المخاوف، فنحن أمام مشكلة (كارثة) بيئية مستقبلاً، فما هي الآثار المترتبة على انقراض النحل، وهل بالإمكان تفاديها ؟
ما تقوله صحيح، فهناك 80 % من النباتات تعتمد على النحل في عملية التلقيح، وكما هو معروف فأن الغذاء النباتي يعتبر ركيزة أساسية لتغذية الإنسان والحيوان معاً، ويعتبر الدرع الواقي من التصحر وزحف الرمال والمجاعات والاحتباس الحراري وهجرة الحيوانات، وعليه يعتمد تكون باقي السلسة البيولوجية الطبيعية والحياة على كوكب الأرض.
واستكمالا لبيان حجم الكارثة أضافت “الحسن”، بعد انقراض النحل سيبدأ انقراض الجنس البشري، وهنا اقتبس مقولة تنسب إلى العالم ألبرت آينشتاين حين قال: “بعد موت آخر نحلة على كوكب الأرض سيبدأ البشر بالانقراض”.
– برايك، ما هو التصرف السليم بالنسبة لخلايا النحل المنتشرة بالقرب من المناطق الآهلة بالسكان والتي تثير الرعب فيهم ؟
لا شك أن فصل الربيع هو فصل “التطريد” الطبيعي للنحل، وعليه نرى تكون خلايا النحل بالقرب من النوافذ أو أنابيب المياه وعلى الأشجار، ولخوف بعض المواطنين على سلامتهم، للأسف يلجأ البعض إلى رشها بالمبيدات الحشرية وقتلها، وهذا خطأ فادح، والتعامل الصحيح والواجب هو التواصل مع وزارة البيئة والمياه والزراعة لإرسال فريق مختص لإزالة النحل ووضعه في مكان آمن حفاظا على سلامته وسلامة البشر.
– ختاماً، ماهي الرسالة التي توجهينها للمجتمع الأحسائي بشكل خاص وللعالم بشكل عام ؟
في احتفالية “اليوم العالمي للنحل” الذي أقيم في لولو مول الأحساء، برعاية وزارة الزراعة تحت عنوان “ملتزمون بحماية النحل”، وجهت رسالة لأحبابي رواد المعرض، ومن خلال “صحيفة أصداء الخليج” أوجه نفس الرسالة وهي: حافظوا على النحل واحموه من القتل بالمبيدات الحشرية والزراعية، فالخطر الأكبر على النحل ليس أعداء البيئة الطبيعية ولا الآفات والأمراض التي قد يصاب بها، فقد خلقها الله سبحانه وتعالى لإيجاد التوازن البيئي على سطح الأرض، وإنما الخطر الحقيقي للنحل هو نحن البشر، بتصرفاتنا الغير مسؤولة نقتل ما يقارب ثلثي النحل باستعمال المبيدات الزراعية، خصوصا
ولا أستثني من المسؤولية بعض النحالين الذين يعتمدون على المحاليل السكرية بشكل رئيسي لتغذية النحل مما يسبب أمراض معوية للنحل وضعف مناعة ويجعله أكثر عرضة للأمراض والموت والفناء.
وفي الختام تشكر صحيفة “أصداء الخليج” النحالة السعودية “مريم الحسن” على هذا الحوار التوعوي، وإيصال صورة للنحالين والمجتمع عن معاناة النحل.