أحمد الله و أشكره على نعمه الجليله و آلائه العظيمة و منها نعمة التعلم و المراجعة و التدقيق و أخذ الفائدة من مجريات الأحداث و المواقف , هناك عدة دواعي لكتابة مستخلص هذه الواقعة و الموقف الذي مر علي و يمر على ايامن كان و هي :
• نشر الوعي بأهمية الإسعافات الأولية و ضرورة تعلم المجتمع تلك المهارات
• أهمية الإستفادة القصوي من أوقات اليافعين و توجيههم نحو ما يعود عليهم بالنفع و تجنب أسباب المخاطر و السلوكيات التي تؤثر على مستقبلهم و حياتهم
بدأت القصة منذ خروجي من المنزل و التوجه لصلاة الفجر في مسجد الحسين بحي السلامة و ذلك يوم السبت 3/12/1443 و في الطريق يوجد حديقة و ساحة للتنزه و ملعب ترابي لكرة القدم و يوجد مرمى غير مثبت على كل طرف من الملعب , و في عتمة الصبح كان هناك شابين يافعين و أثناء سيري على محاذة الملعب سمعت صوت سقوط عارضة المرمى على أحد الشابين و تلى ذلك السقوط نداء إستغاثة من الشاب الآخر فتوجهت نحو الصوت و كان معي مقيم عربي و حين الوصول عند الشاب المصاب و جدته يحاول رفع الشباك العالقه به و لكن بسلوك غير واعي و حينما أقتربت منه رأيت وجهه و رأسه يتصبب دما و عيناه شاخصاتان من غير تركيز , و من فضل الله نادى المقيم بأعلى صوته ” إسعاف إسعاف ” , و أثناء ذلك تمكنت من تهديئة الشاب و مسح وجهه و رأسه و تمكنت من تحديد موطن النزيف و تمكنت من الضغط عليه و كذلك تفقد مجرى الهواء و التنفس وكان يتنفس بصفة طبيعية و بحمد الله وضعته على جنبه حتى أضمن خروج الدم بتلقائيه , و من شدة الضربة فقد نزف الشاب من أنفه و من فمه و عيناه تتقلب و نفسه يروح و يجيئ و يداه تتحرك بعشوائيه لكن و لله الحمد نبضه كان جيدا من حيث القوة و التسارع و مابين فرصة بقائه حيا و وضعه الحرج كان الحضور يسعى لتقديم أي شئ لينقذوا روح هذا الشاب الذي جاء للعلب مع ابن خالته ببراءة لكن أقدار الله مكتوبة , فقد حاول أحد المستجيبين لنداء الإستغاثة من المقيم بالإتصال على الهلال الأحمر و طلب التوجيه و كذلك طلب سيارة إسعاف , و لله الحمد كانت إسعافات المشاركين في الإتجاه السليم و لكن نحتاج الى سيارة اسعاف لنقل الشاب المصاب , و خلال تلك الفترة هدأ الشاب المصاب و بدأ يستعيد وعيه الى حد ما , فأوكلت مهمة الضغط على الجرح لشخص أخر و هرعت أنا و مواطن آخر لإحضار فريق الهلال الأحمر لقرب وجود المقر من ساحة البلدية , و بعد أن أنطلقنا الى الشارع الرئيسي و بعد البحث وجدنا سيارة إسعاف و سيارة شرطة بالقرب من الموقع , توجهت للزملاء من فريق الهلال الأحمر و حين لاحظوا ثوبي مليئ بالدم و بعد شرح الحالة و تفهم خطورتها بادروا بالتوجه معنا على الرغم من مباشرتهم لحالة أخرى و هذا يدل على حسن تدريبهم و قدرتهم على فرز الحالات و ترتيب الأولويات و بالتوجه نحو الموقع تم نزول فريق الهلال الأحمر للموقع و استلام الشاب بطريقة علمية من أخذ تاريخ الحادث بدقة و بسرعة كذلك مع القيام بتقييم الحالة و إجراء مسح أولي للتأكد من عدم وجود أي إصابات أخرى و بالذات في العمود الفقري , ثم قامو بنقل الشاب بطريقة إحترافية على النقالة و من ثم إلى سيارة الإسعاف و كان الشاب قد بدأ يتحدث و بالسؤال عن إسمه و عمره فقد تمكن من الإجابة بوعي و لله الحمد و غادر فريق الهلال الأحمر الموقع برعاية الله.
من خلال هذا الموقف هناك عدة إستنتاجات
قوة الترابط الإجتماعي لدى أفراد المجتمع و الرغبة الشديدة لتقديم المساعدة و التعاون كلا حسب قدرته و إستطاعته فلهم مني الشكر و التقدير و الدعاء
ضرورة توعية المجتمع و تدريبه على مهارات إنقاذ الحياة و خصوصا في فترات الإجازات و ذلك لكثرة تجمع الناس و زيادة نسب الحوادث
توعية الشباب بعدم ممارسة السلوكيات الخاطئة الخطرة التي تعد من أكثر أسباب الوفيات لدى الشباب ضمن الإصابات الغير متعمدة ( Unintentional Injuries )
ضرورة تفقد بيئة الملاعب و سلامتها من كل ما يزيد عوامل الإصابة بالحوادث أثناء اللعب و تعدد الإصابات
دعم فرق الهلال الأحمر بكل الإماكانات و تطوير مهاراتهم للقيام بواجباتهم على الوجه الأمثل و تقديم الشكر و التقدير لهذه الفرقة على ما قدمت من جهود وأسأل الله أن يحفظ مجتمعنا من كل شر وسؤ و يديم علينا الأمن و المحبة.
د. عاطف محمد سرور
أستشاري طب الأسرة و المجتمع – وزارة الصحة
Email: atef_surour@yahoo.com