لقد أحدث التطور التقني ثورة ونقلة سلبية كانت أو إيجابية في كل مجالات الحياة، وألقت تلك الثورة التقنية بظلال تأثيرها على كل الجوانب الحياتية، سواء العلمية، أو العملية، أو الاجتماعية.
إن هذا التطور التقني لا يقتصر تأثيره على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل أنتج مواقع التواصل الاجتماعي، والتي قلصت هي الأخرى الفوارق في الكثير من الأمور، فجعلت العالم قرية واحدة، وهنا تجاوزت الحدود الجغرافية، وأتاحت فرصة التواصل المباشر وغير المباشر بين الناس في مختلف بقاع الأرض، وهنا تجاوزت الحدود الزمنية والوقتية، فلم نعد نحتاج لشد الرحال أو المراسلة البريدية التقليدية مع شخص يبعد عنا في الموقع الجغرافي، أو يختلف عنا في التوقيت الزمني.
إضافة إلى ذلك فإن مواقع التواصل الاجتماعي وفرت فرصة التواصل بين شعوب الأرض، وبمختلف معتقاداتهم، وثقافاتهم، وتقاليدهم، وهنا تجاوزت الحدود الثقافية.
وفي خضم هذه الأمور الإيجابية والمفيدة فإن مواقع التواصل الاجتماعي أيضا أفرزت وأبرزت وأظهرت جيلا بعضه أصبح مهووسا وموهوسا بالشهرة، حتى وإن كان ذلك على حساب الدين والعرف والأخلاق.
لم يعي المهووسون أن الشهرة أشبه بسراب يطارده الظمآن يحسبه ماء، وفي سبيل الوصول إلى هذه الشهرة يضحي المهووس بكل شيء، يكذب، يسيء لدينه، ومجتمعه، ووطنه، وأمته، بل أصبحنا نرى من يبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فيترك دينه الذي أعزه، ومجتمعه الذي أكرمه، ويعتنق دينا لشهوته، ويعيش بثقافة أخرى لنزوته، ويخالف الفطرة الإنسانية فضلا عن الدينية في ممارساته.
والطامة الكبرى أن تصبح هذه الفئة التي ابتليت، وتحفظ أغاني الكلمات ولا تعرف أسماء سور القرآن – فضلا عن حفظها- قدوة للصغار، او مؤثرة في الكبار.
لا يتحمل المهووس بالشهرة كامل المسؤولية، بل يتحمل كل شخص ساهم في ظهور هذه الفئة كواجهة للمجتمع، ومهما يكن من أمر فإنها طبيعة الدنيا التي:
كم جهول بات فيها مكثرا
وعليم بات منها في علل
كم شجاع لم ينل فيها المنى
وجبان نال غايات الأمل
بقلم: محمد الشنقيطي