الحرية وحدها لا تكفي من دون توفر أجواء الأمن والاستقرار في الظروف الطبيعية وفي ظل النظام الديمقراطي. ودول أوروبا وأميركا، وما تدعيه من حرية مفرطة، مارست القمع والعنف ضد مجتمعاتها وبقسوة، تحت مظلة حفظ النظام، مع ادعائهم بالحريات، فلا توجد ديمقراطية وحرية حقيقة في دول العالم، والحرية المتوفرة هي فردية أدت بتلك المجتمعات إلى التحلل والتخلي عن القيم..
وعليه فالحياة والحرية والأمن أمور مقدسة مترابطة بعضها مع بعض، لا يمكن الفصل فيما بينها، إنما تكمل بعضها البعض الآخر ومن حق كل انسان بأن يعيش حياة كريمة تحرزه من التبعية والاغلال والقيود التي تقيده عن انطلاقته.
المادة السادسة من فصل الميثاق المدني والسياسي الذي يعتبر في الواقع الجانب القانوني والتنفيذي من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان توضح مدلولات حق الحياة سالف الذكر، ومن خلال ست نقاط هي:
ا- لكل انسان الحق الطبيعي في الحياة، ويحمي القانون هذا الحق. ولا يجوز حرمان أي فرد من حياته بشكل تعسفي.
2- يجوز إيقاع حكم الموت، في الأقطار التي لم تلغِ فيها عقوبة الإعدام بالنسبة إلى أكثر الجرائم خطورة فقط طبقا للقانون المعمول به، في وقت ارتكاب الجريمة وليس خلافا لنصوص العهد الحالي، والاتفاق الخاص بالوقاية من جريمة إبادة الجنس والعقاب عليها، ولا يجوز تنفيذ هذه العقوبة إلا بعد صدور حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.
3- ليس في هذه المادة، إذا كان حرمان الحياة يشكل جريمة إبادة الجنس ما يخول أية دولة طرف في العهد الحالي التحلل بأي حال من أي التزام تفرضه نصوص الاتفاق الخاص بالوقاية من جريمة إبادة الجنس والعقاب عليها.
4- لكل محكوم عليه بالموت الحق في طلب العفو أو تخفيض الحكم، ويجوز منح العفو أو حكم الموت في كافة الأحوال.
5- لا يجوز فرض حكم الموت بالنسبة الى الجرائم التي يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما. وقد تم إقراره من قبل حكومة المملكة العربية السعودية، فإذا كان الحكم نهائيا ولم يتم المحكوم عليه 18 عاما من عمره وقت ارتكاب الجريمة، يكتفي بالسجن 10 سنوات لمن تجاوزت محكومية سجنه تلك المدة، مع إيقاف تنفيذ الحكم إذا كان السجين قد نفذ من محكوميته أكثر من 10 سنوات.
6- ليس في هذه المادة ما يمكن لأية دولة من الدول الأطراف في العهد الحالي الاستناد اليه من أجل تأجيل إلغاء عقوبة الإعدام او الحيلولة دون ذلك الإلغاء.
وإذا قدَّمنا المقال بأن الحرية وحدها لا تكفي، فإننا نؤكد على ذلك بهذا التعريف الذي ذكره الدكتور عبد الحميد متولي في كتابه: (مبادئ نظام الحكم في الإسلام: مع المقارنة بالمبادئ الدستورية الحديثة)؛ حيث يقول في ص 278: (الحرية الشخصية: أن يكون الشخص قادرا على التصرف في شؤون نفسه وفي كل ما يتعلق بذاته آمنا من الاعتداء عليه في نفس أو عرض أو مال أو مأوى أو أي حق من حقوقه على ألا يكون في تصرفه عدوان على غيره).
فالأمن الذي يتحقق للشخص أو يحققه هو للآخرين في تصرفاته يوسع كثيرًا من دائرة الحرية، من هنا يكون ارتباط الأمن بالحرية مهمًّا في بسطها.