دأبت الأوطان والشعوب في مختلف أصقاع الأرض على الإحتفاء بيومها الوطني والذي غالباً ما يصادف في معظمها ذكريات أيامٍ لها مسمَّياتٍ مختلفة لدى أبناء تلك الشعوب كيوم الإستقلال أو يوم الجلاء ، والذي يعني مصادفة ذكرى اليوم الذي غادر فيه آخر جنديٍ تابع للدولة التي كانت تستعمر ذلك البلد .
غير أننا في هذا الوطن الشامخ بتاريخه وقيادته وشعبه وبما يحويه من أماكن مقدسةٍ ومآثر تاريخيةٍ فريدة نحتفل بالذكرى الثانية والتسعين ( 92 ) لقيام هذا الكيان العظيم – المملكة العربية السعودية – لأن بلادنا ولله الحمد تفتخر بارتباطها بمراحل بزوغ فجر الإسلام على ثراها الطاهر وما أعقب ذلك من قيام حضارةٍ اسلاميةٍ انتشرت بفضل هذا الدين العظيم وسادت العالم لعدة قرون ، وقد كان منطلقها ومبعثها من أرض الحرمين الشريفين .
وخصوصيةٌ أخرى يحقُّ لنا بأن نفاخر ونطاول بها عنان السماء بأن هذه البلاد الحبيبة لم تدنِّسها أقدام الاستعمار البغيض ، ولا يعني هذا أنه لم تكن هناك حملاتٍ عدائيةً مغرضةً للنيل من كرامة وإباء المواطن السعودي ومن أرضه ، لكن أوائلنا الشُّم قد ضربوا أروع الأمثلة في الذود عن حياض وطنهم وأرووا بدمائهم الزكيَّة ترابه ليبقى لأهله دون سواهم ، والشواهد أكثر من أن يتم حصرها ولكني أكتفي بالمرور على بعض الوقائع التي دونها التاريخ بمدادٍ من ذهب في ديار نجدٍ العذيَّة وفي أرض الجنوب الحبيب وفي واحات ورمال الأحساء الغالية بل تكاد تكون في كل أرجاء الوطن من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب الجنوب ومن البحر الى البحر .
وبالتالي فالمتابع المنصف يرى بأنه افتخارنا واعتزازنا بما تقدم التنويه عنه من مآثر ومفاخر قلَّ أن تجتمع كلُّها في وطنٍ واحدٍ وفي شعبٍ واحدٍ هو حقٌ مشروعٌ لا ينازعنا فيه أحد البتَّة .
فاللهم لك الحمد أن أوجدت لنا هذا الوطن بكل خصائصه الإجتماعية والدينية والإقتصادية وقيَّضتَ له بحكمةٍ منك سبحانك ولاة الأمر الراشدين منذ إعلان المؤسس الملك عبدالعزيز – طيَّب الله ثراه – توحيد هذه البلاد المترامية الأطراف بعد أن كانت مبعثرةً يسودها التناحر والاقتتال وسار من بعده أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رحمهم الله جميعاً وجزاهم عنا خير الجزاء الى أن آلت الأمور الى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ومعه ساعده وعضده الأيمن القائد المُلهَم ولي العهد الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان أمدَّهما الله بعونه وتوفيقه وأدام عزهما حتى أضحت السعودية العظمى مضرب مثل في الوحدة الفريدة واللحمة الوطنية والدعة واستتباب الأمن وستبقى كذلك عزيزةً منيعةً بإذن الله الى أن يرث الله الأرض ومن عليها .