بتال القوس
لا شيء يشغل بال النصراويين وكثير من الهلاليين غير موقعة الجمعة، الحاسمة لجدليات كثيرة استمرت بينهما طويلا هذا العام.
لقاء الحسم المقبل يعني للأصفر المتصدر، شيئين لا ثالث لهما: بطولة الدوري رسميا بعد غياب عن اللقب منذ عام 1995، وتأكيد هيمنة الأصفر على الأزرق هذا العام بعد مواجهتين قريبتين كان لهما الأثر الكبير في مسار الذهب.
على الجهة الأخرى، تعني موقعة الجمعة لبني الأزرق أشياء كثيرة، أهمها: أن ما حدث ويحدث ما هو إلا عثرة عابرة، تأجيل إعلان البطل وتعكير المزاج الأصفر العام وإدخاله في حسابات الخوف، حفظ ما تبقى من اسم سامي الجابر في المدرج الأزرق بعدما اهتز بقوة في مقعده الحالي، إعادة شيء من الهيبة الزرقاء أمام منافسه التقليدي بعد أن تراجعت مرتين متتاليتين.
.. النصر إذا ما فاز الجمعة، فإنها ستكون البطولة الثانية أمام الغريم الدائم في أقل من شهر، وهذا رقم سيستثمره الصُفر إلى آخر مدى في استفزاز خصومهم في المدرج المقابل، والنصر إذا ما فاز الجمعة، فإنه سيدخل الأزرق في دوامة صعبة قبل مواجهته الآسيوية التي تعقب النزال بثلاثة أيام فقط، وإذا ما فاز النصر سيدخل محبو الجابر، البقية الباقية من المنافحين عنه في صمت رهيب يعبر عنه القول الشهير: “إن حكينا ندمنا وإن سكتنا قهر”، والنصر إذا ما فاز الجمعة يستطيع محبوه أن يعلنوا بصوت واضح: الآن عاد النصر.
في الجهة الأخرى، يحتاج الأزرق الشاحب هذا الموسم، إلى الفوز ولا غيره لحفظ ما تبقى منه أمام النصر، وإذا ما فاز الهلال فإنه سيوقف التدفق الأصفر الجارف، وإذا ما فاز الهلال سيجد محبوه في ذلك سلوى مؤقتة تخلق جوا من التفاؤل فيما هو آت، وإذا ما فاز الأزرق فإن الزُرق سيجدون شيئا يقولونه للنصراويين إذا تندر الأخيرون على مدربهم الحالي وأسطورتهم الدائمة الجابر.
مهما قال الطرفان عن الموقعة، فإنهم لا يصفونها كما يشعرون بها تماما، ولو نطقوا لقالوا إنها موقعة الحسم، والحسم هذه خلفها الكثير والكثير من المعاني. نعم هي الحسم في جدليات كثيرة استمرت هذا الموسم على الألسن وها هو الوقت المناسب لحسمها في الميدان.
.. على المستوى الفني، أظن أن الأصفر بدأ في العد التنازلي، ومستوياته في المباريات الأخيرة تعبر بوضوح عن ذلك، بدأ التكاسل يدب في أوصال الفريق، وغابت حيويته وديناميكته المميزة في أول ووسط الدوري، وهذا طبيعي جدا قياسا بالمشوار الطويل الذي قطعه الفريق في موسمه الجاري، أمام ذلك قلت لكارينيو هل تعبت وتعب فريقك؟ أجاب بسرعة: “نعم تعبنا ونشعر بالإرهاق، وكل ذلك من أجل هذه اللحظة ولن نفرط فيها بسهولة”. على الجهة الأخرى، لم يبق من الهلال إلا اسمه ورسمه، أما نكهته الخاصة فلم تعد بالمذاق نفسه، الأزرق أيضا تعب كثيرا وهو يركض خلف غريمه هذا الموسم، ورغم حاله الرثة، إلا أنه احتفظ بكبريائه ورفض الاستسلام، الآن يشعر بالإرهاق ويحتاج إلى مداواة جراحه بالنصر، قلت لصديقي اللاعب الهلالي: ماذا ستفعلون؟ أجاب بهدوء: “لا بد أن نفوز، متفائل، وأحيانا أقول حتى لو خسرنا ربما تكون الخسارة خيرا لنا”.