إن منح الشخصية القانونية لكيان ما، إنما هو الاعتراف له أساسا بقدرته على ممارسة بعض الحقوق وأداء بعض الواجبات بنفسه في ظل نظام قضائي خاص، والاعتراف له بالأهلية المدنية للإلزام والالتزام، حيث تكون أهلية الإنسان كاملة منذ بلوغه سن الرشد متمتعة بتمام قواه العقلية.
ففي القانون الداخلي للدول يعتبر الفرد (الشخص الأمثل للقانون بينما تمنح كيانات أخرى ومنها المؤسسات العامة على سبيل المثال شخصية متميزة عن شخصية الأفراد الذين ينشئونها، ويمكنها أن تقوم بعمليات قانونية باسمها الخاص ولحسابها الخاص.
والدولة في القانون الدولي هي التي تمثل (الشخص القانوني) الأمثل ويجوز اعتبار بعض الكيانات الأخرى (أشخاصا) في القانون الدولي بقدر ما تستطيع أن توجد علاقات قانونية على الصعيد الدولي.
فمنذ عام 1954، أصبح من الواضح أن القانون الدولي لم يعد وحده قائما على حقوق الدول وواجباتها، بل إنه يعترف بوجود مستقل لمجموعة من المؤسسات الدولية، وأنه في بعض الظروف يعترف للأفراد بشيء من الحقوق ويفرض عليهم بعض الواجبات. ومع ذلك فالاعتراف للأفراد بإمكانية إقامة الدعوى للدفاع عن بعض حقوق محددة، والاعتراف لهم بالشخصية القانونية، يعتبر تطورًا في القانون الدولي في وقتنا الراهن، حيث وضعت هذه الإجراءات أيام عصبة الأمم لتأمين حماية سكان الأقاليم المشمولة بالانتداب، ورغم أن نص ميثاق عصبة الأم لم يتضمن أحكاما خاصة بهذا الموضوع، فقد اعتبر أنه من حق سكان الأقاليم المشمولة بالانتداب أن ترسل عرائضها إلى اللجنة الدائمة للانتدابات عن طريق دولة الانتداب المعنية.
الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، نصت المادة الثالثة منها على أن (لكل انسان الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية). ونصت المادة الخامسة والعشرون على أن: لكل إنسان الحق في لجوء بسيط وسريع – أو أي لجوء فقال آخر – إلى محكمة مختصة لحماية نفسه من الأعمال التي تنتهك حقوقه الأساسية المعترف بها في دستور دولته أو قوانينها أو في هذه الاتفاقية، حتى لو ارتكب ذلك الانتهاك أشخاص يعملون أثناء تأديتهم واجباتهم الرسمية).
أما الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، المادة الخامسة نصت على أن (لكل فرد الحق في احترام كرامته والاعتراف بشخصيته القانونية)، كما نصت المادة الخامسة والعشرون على أن يقع على الدول الأطراف في هذا الميثاق واجب النهوض بالحقوق والحريات الواردة في هذا الميثاق وضمان احترامها عن طريق التعليم والتربية والاعلام واتخاذ التدابير التي من شأنها أن تضمن فهم هذه الحريات والحقوق وما يقابلها من التزامات وواجبات).
نصت المادة العاشرة من مشروع الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أن (الشخصية القانونية صفة ملازمة لكل إنسان).
لكن المفارقة أن بعض الأقليات التي عاشت أجيالا متوالية في بلد ما، حرموا من الاعتراف لهم بالشخصية القانونية، لذلك لاقوا المتاعب والمصاعب القانونية، وتعرضت عوائلهم للإبعاد والنفّي وإسقاط حقهم من المواطنة، ويعود سبب ذلك إلى عوامل سياسية وطائفية، وهي تخالف مبدأ حق الإنسان في الاعتراف له بالشخصية القانونية.