من أشنع الأخطاء التي قد يرتكبها الشخص في حياته هو السماح لنفسه بأن يتم تجنيدها من قبل شخص ما وأن يكره شخصا آخر لم يصدر منه أي ظلم تجاهه من أجل تصفيته اجتماعياً أو اقتصادياً وهذه الممارسات الهجومية المتعمدة تعد ظاهرة في الوقت الراهن وهي ما تعرف باغتيال الشخصية الذي يراد به اسقاط وإزاحة الآخر عن طريق تشويه سمعته وضعضعة ونزع مصداقيته وتدمير كرامته واحترامه وترتكز عملية اغتيال الشخصية على أسباب عدوانية تستهدف شخصاً ناجحا أو ذا تأثير وشعبية على المجتمع، بحيث يعتبره منظم عملية الاغتيال عدو له بدافع الغيرة والحسد فيستمر في شحن وتأليب الناس عليه بتكوين صورة سلبيه عنه وتسليط الضوء على أخطائه ولا يكتفي بذلك بل يبحث عن ماضي هذا الشخص وحاضره عله يعثر على زلة ثم يعمل على تضخيمها لكي تصبح أمراً لا يغتفر، وإذا لم يجد تلك الزلة أختلق ما هو أخطر من طلقات الرصاص الغادر من شائعات وإلصاق التهم والأكاذيب واستخدامها في التشنيع والتشهير ومحو المراد اغتياله واقصائه مهنياً واجتماعياً وحتى انسانياً وهذا الأسلوب يعتبر آخر اصدار مطور للاغتيال في تاريخ البشر تحت رداء النقد باستغلال عدم ادراك البعض للمفهوم الصحيح للنقد وهذا النوع من الاغتيالات يقصد به قتل كيان المستهدف وجعله يمشي خارج نطاق الحياة فلا يوجد بينه وبين الاغتيال الجسدي فرق بل هو أكثر وحشية وقسوة، لأنه يهدم قيمة الانسان بشكل مفرط في نظر المجتمع ويجعل اغتيال شخصيته تأخذ أبعاد سلبية يستعصي عليه تصليحها على عكس المغتال جسدياً أو حقيقة يأخذ أثر اغتياله على اسرته ومجتمعه أبعاد إيجابية باعتباره مثل الشهيد أو البطل القومي.
ومن النتائج الكارثية لممارسات اغتيال الشخصية على الضحية أنها تؤدي إلى رفضه بشكل قاطع من قِبل أسرته وعمله وتؤدي إلى العزل الاجتماعي وانعدام الثقة فيه وقد يفقد تعليمه أو مصدر دخله المادي ومنزله ويختار المغادرة من المكان الذي يقطنه بسبب المضايقات المتكررة والنظرات الشزر المؤلمة ويصاب لا محالة بالاضطرابات النفسية كنتيجة طبيعية لحالة الوحدة والمضايقة التي يعيشها والتي قد تزهق روحه بسبب شدة انفعالاته، همٌ، قهرٌ وحسرة تستنزف صبره بينما ينجو المغتال من العقاب على الجريمة التي أقترفها بحق الضحية تحت ذريعة النقد وغطاء حرية التعبير عن الرأي والعديد من المصطلحات الكاذبة التي تكون ككلمة حق أريدَ بها الباطل. لذلك فإن انتهاك حرمة الانسان وسمعته فيهما اساءة وجرم كبير يتجاوز كل الأعراف الأخلاقية والأحكام الشرعية والحق أن جريمة اغتيال الشخصية لن تنتهي إلا بتجريم المغتال صاحب السلوك اللئيم وهو الحل الأمثل للقضاء على ظاهرة أقل ما يمكن وصف صاحبها بعدم المروءة الأخلاق، وتجريم من يقف بجانبه من المندفعين والمتهورين المطلقين للأحكام جزافاً موافقةً لرأي هذا المغتال ذو الأهداف البغيضة والتي لا تخدم أولا وأخيرا سوى مصلحته الخاصة مقدمة عمن سواه.