• 08:55:49pm

أحدث الموضوعات

مفاجآت على طريق الحياة

تعليقات : 0

أصداء الخليج

د. جاسم الياقوت

تكثر المفاجآت في حياتنا، كما ينتظر الكثير منا مفاجأة قد تغير حياته إلى الأفضل، لكن هل يمكن أن تغير المفاجأة حياة الإنسان دون سعي.
فالسعي دائما في الحياة يكون الأساس، وما التوفيق بعد ذلك إلا من عند الله.
قد تندم على ما فات ويلازمك الارهاق وأنت تعرف السبب وقد تفرح بالمستقبل المأمول دون أن تعرف السبب.
وإذا نظرنا إلى سر السعي من جانب الإنسان نتذكر قول الشاعر أحمد شوقي:
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثوان
كذلك نتذكر المثل: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.

لكن مفاجآت الحياة كثيرة، قد تكون سعيدة، وقد تكون غير سعيدة، لكن الأمر يختلف في حالات كثيرة، والأمر يخضع في كثير من الأحوال للتقييم الشخصي.
يقول لاعب التنس الاسترالي الدولي ديكوفيتش نوفاك: “عندما يقدم المرء على اجراء تغيير في الحياة فانها مجازفة محتملة”.
يدل هذا القول على أن هناك نوعا من الناس، لا ينتظر حدوث المفاجأة لتغيير حياته إلى الأفضل، بل إنه يسعى إلى إحداث تلك المفاجأة بالتخطيط السليم والعمل الدؤوب والسعي نحو تحقيق ما يشعر الآخرون بأنه بعيد المنال”.
ولتوضيح رؤيتنا نأخذ مثالنا من أسواق المال والبورصات العالمية، التي أدت إلى إفلاس العديد من الشركات والأفراد في الآونة الأخيرة، حيث يعتبر الخبراء الاقتصاديون أسواق المال ضربا من المجازفة، حيث إن صعود الأسهم وهبوطها سريع ومتغير.
لكن -من وجهة نظرنا- تعتبر المجازفة في هذا المجال وأي مجال آخر قائمة على التوقع الواقعي الصحيح، حيث إن الإنسان إذا تمكن من التوقع الصحيح يستطيع بعدها أن يجازف على أسس سليمة سعياً منه لإحداث المفاجأة.
وإذا نظرنا إلى تعريف المفاجأة: هي كل فعل لم يحدث لك من قبل في حياتك، وقد أثرت في حياتك وغيرتها تغييراً جذرياً سواء كان هذا التغيير إلى الأحسن أو إلى الأسوأ.
إن الأمر ليس فقط مجرد كلام نظري، بل تعدى ذلك إلى العلم، فقد تناول العلم مسألة المفاجأة والتوقع، وكيف يستجيب العقل إلى ذلك، ويحاول التأقلم مع المفاجأة والاستفادة منها، للتحول إلى تحقيق النجاح.
فقد قام باحثون بإجراء بعض الفحوصات واكتشفوا أن الجزء الأوسط من الدماغ يقوم بإرسال إشارات لبقية أجزاء العقل عند وقوع أحداث غير متوقعة.
وباستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي اكتشف الباحثون أن ذلك النظام له القدرة على تحويل التوقعات الخاطئة إلى رموز، ومع مرور الوقت وبتكرار الأخطاء يستطيع العقل أن يتنبأ بالأحداث المستقبلية بنسبة نجاح تصل إلى 90%.
وفسر ذلك البروفيسور جيفري زاكس رئيس الباحثين بقوله: إن الناس عندما تتكرر الأحداث اليومية والأنشطة التي يقومون بها يومياً يمكنهم في بعض الأحيان التوقع بما قد يحدث لاحقاً، وغالباً تكون التوقعات صحيحة، والسبب في ذلك هو أن نظام عمل الجزء الأوسط من الدماغ بالتعاون مع الأجزاء الأخرى يعمل على تنظيم القدرة على الانتباه للتغيرات التي لم تقع بعد وعلى وشك أن تحدث.  يشير زاكس إلى أن الاستجابات تظهر في منتصف المخ في الأوقات الصعبة، مثل تجاوز الحد الفاصل بين الحدث والآخر.
لا يعلم المستقبل إلا الله، والمستقبل بيد الله لا نعرف ماذا يخبئ لنا، لكن يكمن الإبداع الإنساني في القدرة على توقع المستقبل.
توقع المستقبل اذا كان مخططا له وفق المعقول في أي شيء سنصل له.
كما ذكر سابقا انه قد يرنو الإنسان إلى مستقبل بتخطيط له أو دون تخطيط، تبقى إرادة ونظرة الله له فوق كل المقومات من ناحية الوصول له.
إن الإنسان الذي يتخذ من المستقبل شعلة تضيء له حياته لتحقيق أهدافه وسعى وراءها، سيكون له ما ينشد من المستقبل الذي يرنو إليه بعد توفيق الله. وبهذا يستطيع التوقع في المستقبل، لأنه هو الذي بدأ، وسيصل إلى مبتغاه بالتأكيد.

أضف تعليقك

برجاء الكتابة باللغة العربية فقط comments are disable

التغريدات