للنقد الأدبي دور مهم في الارتقاء بالأدب ليحلق في آفاق واسعة ورحبة من الإبداع ويضبط بوصلة الأدباء للوصول إلى قمة التألق في المجالات الدبية كما أنه يساعد على فهم الأعمال الأدبية وتحليلها بشكل أفضل، وبالتالي يساعد في توضيح الرسالة التي يريد الأديب إيصالها للقراء، فضلا عن أنه يساعد النقاد أن يكتشفوا مواهب جديدة في الأدب وأن يقدموا توصيات لهؤلاء الكتاب لتطوير أساليبهم الأدبية.
وناقدتنا اليوم من طراز فريد من النقاد الذين جمعوا بين الموهبة الفطرية والعلم الأكاديمي وهي الناقدة العراقية الدكتورة موج يوسف الحاصلة على ماجستير لغة عربية تخصص نقد حديث ( نقد ثقافي) ثم دكتوراه نقد حديث( علم اجتماع الأدب) وتعمل اكاديمية في الجامعة العراقية إضافة إلى كونها مسؤول إعلام كلية الآداب بالجامعة العراقية
ولها الكثير من الإصدارات والكتب والأبحاث في مجال النقد الأدبي منها
الذات والمجتمع دراسة في الأنساق الثقافية في شعر أمل دنقل عن دار ومؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع
الأعمال الشعرية قيس لفتة مراد جمع وتحقيق ودراسة وتقديم صدر عن منشورات الاتحاد العام للأدباء في العراق .
ألف ليلة وليلة تحقيق وتقديم النسخة الأصلية غير المحذوفة عن دار آشور
ومن ابحاثها
العاهة والقبح في الشعر مقاربة بين الأعشى وبودلير دراسة ثقافية
علم اجتماع الأدب جدلية النقد والسوسيولوجيا بحث في التنظير ورؤية العالم
الذات والآخر في شعر أمل دنقل
حضور الهامش والدهشة في شعر الشباب العراقي قراءة سوسيوثقافية
كما لها كتابان قيد الإصدار إضافة للكثير من المقالات النقدية في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية .
كما شاركت في العديد من المهرجانات الدولية والمحلية في العراق
مهرجان بابل الدولي
مهرجان جواهريون
مهرجان نازكات الأدب
كما عملت في مجال الصحافة والنشر بعدد من الصحف منها جريدة المدى العراقية وموقع ووكالة نخيل عراقي الثقافية
وقامت بالتدريس في كلية العلوم الإسلامية بالجامعة العراقية بقسم اللغة العربية من عام.
حلقت من خلال الحوار في النقد الدبي ومميزاته والتحديات التي تواجهه ودوره في إثراء الحركة الأدبية
لماذا تبدو علاقة النقد بالشعر جدلية وغير متصالحة؟
حيوية الأدب بالاختلافات لو نظرنا إلى طبيعة العلاقة بينهما سنجدهما توأمين فالشاعر يجلس بداخله ناقد كما هو حال عند الشعراء الجاهلين فماذا نعني بالقصائد الحولية ؟ أليست هي من تخصع الى نقد الشاعر لمدة عام ؟ وحتى النقاد الذين لم يكتبوا شعراً هم شعراء فشلوا بكتابة القصيدة التي يريدونها فدخلوا إلى قلعة النقد وصاروا يمارسون سلطانهم على القصدة لذا تبدو العلاقة جدلية لكنها ليست كذلك.
– لا اتفاق في النقد ما السبب؟
قبل أن نذكر الاسباب علينا أن نعرف النقد هو من يفكك المعنى ويعيد بناءه مرة أخرى وفق نظريات أو منهج معين ومن خلال إعادة بناء المعنى تحدث الاختلافات لأنه شرع بإعطاء حكم على النص الأدبي ويلزم الأخرين بهذه الأحكام كما فهل ابن سلاّم الجمحي في طبقاته عندما فضل امرئ القيس على غيره، وأنا أرى حياة النقد المستمرة تكمن باختلافه فمن الجاحظ إلى الدكتور عبدالله الغذامي والاختلاف قائم .
– كيف تستقبل الثقافة العربية المرأة الناقدة؟
سؤالك جدلي كالنقد وأنت تذكرني بما قاله الناقد الكبير عبدالله الغذامي ( الثقافة العربية تتقبل المرأة الشاعرة لكنها لا تقبلها ناقدة هم تقبلوا نازك الملائكة الشاعرة ولم يتقبلوها ناقدة) وعن سؤالك كيفية استقبال الثقافة العربية لناقدة امرأة شابة اكتفي بالقول بأنَّ العديد من مقالاتي جوبهت بالرفض والمنع وحتى دراساتي الأكاديمية وآخرها أطروحة الدكتوراه تعرضت للكدمات والخدوش ومحاولات الترميمات التي أجريتها لأجل الحصول على الشهادة. ما أودّ قوله لك أن النقد بحدّ ذاته يربك الثقافة فكيف بثقافة ترفض المرأة التي تفكر وتملك لغة تريد منها أن تمنحها وسام النقد؟
لكن لا انكر مواقف الذين شدوا حبال قوتي وقالوا : اصمدي . سأكتبها ذات يوم.
– النقد العربي المعاصر أين موقعه من كم الشعر؟
علينا الاعتراف بأن النقد كسول أو النقاد كسالى لأسباب منها قلة النقاد مقارنة بالشعراء ، وخضوعه للمجاملات والإخوانيات والمزاجيات فمن نحبّهم نكتب عنهم وهذا بحدّ ذاته ظلم كبير للقصيدة التي تنتظر ناقدها . فعلينا أن ننظر بعقل الى أهمية النقد وموقعه لنقدم ونتابع القصائد التي مازالت حبيسة في ديوان شاعرها لنحررها منه.
– كثرة النظريات والمناهج النقدية تضر النقد أم تنفعه ؟
كلّ تعدد يصلح لا يفسد لأنه يدلل على حياتنا الصحية التي ينبغي أن نعيشها وكذلك النقد الذي مرّ بتحولات وأزمات وانغلاق وانفتاح وركود وتطور كل هذا ينفي الثبات من النقد ويثبت تحولاته وكل نظرية تجعلنا ننظر الى النص برؤية مغايرة وكأنها تلبسه ثيابا جديدة فأرى أن الكثرة تغذي النص وتجعله ينفتح على القراءات أكثر.
– ما الذي تضيفه الدراسة الأكاديمية للنقد؟
من خلال تجربتي في الدراسة الأكاديمية فأرى سلبياتها أكثر من إيجابياتها فهي تحاول أن تنتصر على النص الأدبي بغرورها وتغرق النقد بلغة الطلاسم والشفيرات وتجعله عصياً على القراءة والتلقي لكن إيجابياتها تجعلنا نتعامل مع الأدب بموضوعية بعيدة عن العاطفة والأهواء الشخصية ، فالدراسة الأكاديمية تصقل شخصية الناقد بالجدة والعمق.
– لماذا تبدو لغة النقد دائما غير واضحة وصعبة على المتلقي؟
علينا الاعتراف بأن النقاد الذين يكتبون بلغة لا لغة فيها يعانون من تضخم في الأنا لأن مهمة النقد هي كشف المخفي لا التعقيد في اخفائه ، فالناقد يكتب بلغة ممتلئة بالمصطلحات أرى أنه لا يفهم النص الأدبي ولم يقترب من روحه أو عمقه ، فبناء النص النقدي كبناء النص الأدبي يحتاج الى المرور بالحالات التي يمرّ بها الأديب فأنا لا اكتب دون أن أمر بمرحلة غليان الفكرة إلى نضوجها ومن ثمّ اقع في أزمة الخيال فأتخيل اللغة التي سأكتب بها نصي النقدي . وأحيانا أصوم عن الكتابة لأكثر من شهر.
فالإبداع يبدأ من اللغة وينتهي بها فعلينا أن نكتب بلغة تقترب من الحبّ والمقهى والشجر والبحر.
– هل تخاصم معكِ أديب بسبب نص اعترضتِ عليه؟
لا أقول خصومة وإنما عتب مغلف بالقسوة ، لكنها لم تصل إلى الخصام والقطيعة ، لي وجهة نظري وذائقتي وهذا حق نقدي وهو له رؤيته ولا أخفي عليك أن قلت لك بأنني انتشي بالفرح عندما أسمع الاعتراضات على كتابتي لأنّ الاتفاق يزعجني بالرغم من ميولي له فأنا بنت ثقافة نمت وكبرت على حب الاتفاق .
– قصيدة خارج أسور النقد؟
سؤالك يحرج الموضوعية التي أدعيها لكن هناك شاعر خارج قلعة النقد وقصائد لا تخضع لا يمكن ان تدخل إلى قلاعه فجدارية محمود درويش لا يمكن أن تمسها أدوات النقد، وصوفيات عبدالوهاب البياتي للتأمل ، وعبدالرزاق الواحد لنرى العراق بعين العزة، ولمعية عباس عمارة لنقول للشعر بأنك خضعت لتمرد الأنثى الشاعرة ، وجواد الحطاب الذي يصيبنا بجنون اللغة .
وحارس مرمى الانتظار لجاسم الصحيح تقرأ لأجل الشعر .
فهذه الأمثلة لا على سبيل الحصر أرى موتها يتمّ بدخولها إلى قلعة النقد.
– هل الذوق أحد المعايير في النقد؟
حتماً الذوق هو اللبنة الأولى في البناء النقدي فعندما تدهشك القصيدة وتستفزك تقودك الى تجهيز أدواتك لتحليلها والكشف عن جمالها .
– ثقافة الناقد مطلوبة في العملية النقدية؟
دون أدنى شك لابد أن تحضر ثقافة الناقد في العملية النقدية فكيف له أن يحلل النص وهو بلا ذخيرة وعصا؟ بل إن ثقافته كلما اتسعت صارت تكشف عن جواهر النص المكنونة في قاعه المظلم. لكنها تكون أحيانا عبئاً عليه ونقمة على النص لا سيما إن تحكمت به مرجعياته الثقافية كالدينية والفكرية إذ يصبح معادياً لكل النصوص التي تختلف مع توجهاته ومرجعياته فعلى الناقد التحرر من الأيدولوجيات ليحرر أجنحة النص ويطلقها إلى السماء منه.