النقد الأدبي هو فن تحليل وتقييم الأعمال الأدبية بمختلف أشكالها، سواء كانت قصائد، روايات، مسرحيات، أو أي نصوص أخرى. يهتم النقاد بفحص البنية الأدبية، والأسلوب، والمضمون، بهدف فهم الأعمال الفنية وتقديم تقييمات مستنيرة حولها.
تتنوع وسائل النقد الأدبي، وتشمل النقد التاريخي الذي يركز على السياق التاريخي للعمل الأدبي، والنقد السيميائي الذي يتناول الرموز والرموز اللغوية في النص، والنقد الفلسفي الذي يتساءل عن المفاهيم والقضايا الفلسفية التي يطرحها النص الأدبي.
يسعى النقد الأدبي إلى فهم العمل الأدبي في سياقه الثقافي والتاريخي، ويسعى أيضًا إلى تقديم تفسيرات عميقة للمعاني والرموز المتنوعة التي يحتويها. كما يلعب النقاد دورًا حيويًا في بناء الوعي الأدبي وتشجيع الحوار حول الفن والثقافة.
يتميز النقد الأدبي بأنه يتطلب فهمًا عميقًا للأدب والفنون، ويتطلب من الناقد أن يكون حساسًا للتفاصيل والتقنيات الأدبية. يقوم الناقد بتحليل السياق الثقافي الذي نشأ فيه العمل الأدبي وكيف تأثر بالظروف الاجتماعية والتاريخية.
تعتمد عملية النقد على استخدام مجموعة متنوعة من الأساليب والنظريات، ومن ضمنها النقد الهيكلي الذي يركز على بنية العمل الأدبي، والنقد النفسي الذي يبحث في تأثيرات العمل على القارئ، والنقد الفلسفي الذي يستخدم الفلسفة لفهم معاني النص.
يعد النقد الأدبي مجالًا حيويًا يسهم في تطوير فهمنا للثقافة والفن، ويساهم في توثيق التجارب البشرية والتعبير عنها من خلال الأدب.
اليوم مع الشاعر والناقد الأدبي الحسين بنيادة الحاصل على، شهادة التبريز (تخصص الأدب العربي) (2013)، شهادة التكوين في سلك التبريز (تخصص اللغة العربية وآدابها) (2013)، شهادة الأقسام التحضيرية للمدارس العليا تخصص اللغة العربية وآدابها) (2010)، حاصل على ماجستير : النوع والتمثلات والخطاب، 2022، بكالوريوس تخصص علم الاجتماع.
الإصدارات
دراسة نقدية عن دائرة الثقافة بالشارقة بعنوان: تمثيل العالم الافتراضي في الرواية الرقمية التفاعلية (2021) دراسة نقدية عن دائرة الثقافة بالشارقة بعنوان بنية الخطاب في الشعر العربي التجريبي (2023)
الجوائز
جائزة الشارقة للإبداع العربي المركز الأول في مجال النقد (2021).
جائزة الشارقة لنقد الشعر (المركز الثالث) (2023).
* “كيف يمكنكم وصف شعوركم عند فوزكم بجائزة الشارقة لنقد الشعر؟”
وأنا أتلقى خبر تتويج بحثي ضمن جائزة الشارقة لنقد الشعر، انتابني شعور بالفخر والاعتزاز، وذلك لكون هذه الجائزة تعتبر من أهم جوائز النقد داخل العالم العربي، ثم لأنها تستقطب عدداً كبيراً ومتزايداً من المشاركات التي تتلقاها دائرة الثقافة بالشارقة خلال كل دورة. الفوز بهذه الجائزة جعلني أشعر أيضاً بمسؤولية أن تكون باحثاً سمحت له هذه الجائزة بأن يسطّر اسمه داخل نقد الشعر العربي المعاصر. وهي المسؤولية التي تلزم الباحث بأن يساهم بنصيبه في صيانة الشّعر العربي من جهة، ثم في تقريب الشعر من القراء من جهة ثانية، خصوصاً بعد ما أصبحنا نراه من تراجع على مستوى كتابة وتذوق الشعر داخل راهن الثقافة المعاصرة.
*”ما هو موضوع البحث الذي قمتم بمشاركته في جائزة الشارقة لنقد الشعر؟”
البحث الذي شاركت به في هذه الجائزة (بنية الخطاب في الشعر العربي التجريبي: قراءة في أعمال شعرية معاصرة) يتخلّله تصوّرٌ لقراءة ممكنة لبنية الخطاب داخل الشعر العربي التجريبي. وهذا التصور ينطلق من كون القراءة النقدية لا ينبغي لها أن تسقط في القراءة البلاغية التقليدية، أو التجزيئية، أو الإيديولوجية لبنية الخطاب الشعري. فهذه البنية، منطلقها نصي، لكن اشتغالها لا يمكن أن ينفصل عن الأسئلة الوجودية والثقافية والفلسفية والإنسانية التي يصدر عنها العمل الشعري.
التصور العام لهذه القراءة يزاوج بين شعريّة النص، وكذلك مبادئ تأويل الخطاب. وكل ذلك يعطينا تلك الأعمال الشعرية التّجريبية، التي ظهرت كأنّها توقيعات متمايزة غير خاضعة للإجماع، أي غير منضبطة لميزان واحد يمكن إسقاطه على كل التجارب.
بناء على هذا المدخل، يتوزّع هذا البحث إلى مدخل نظريّ، وخمسة محاور تتضمّن قراءات شعرية هيرمينوطيقية لأعمال من الشّعر العربي التجريبي. يتضمن المدخل النظري ثلاثة إيضاحات تمثل إطاراً عامّاً يضبط ما جاء في الدّراسة من قراءات. الإيضاح الأول هو بيان حول مفهوم “الميزان الرّاقص” ودوره في تقديم قراءة تتجاوز المقاييس الأداتيّة والإسقاطات الإيديولوجيّة على الشعر، وتنصت، في المقابل، للاختراقات التي أحدثتها القصيدة التجريبية. وفي الإيضاح الثاني حديث عن مدارات التّحوّل في الشعر المعاصر من خلال بيان الانتقال الذي حدث عبر الخروج من دائرة المعلوم إلى دائرة المجهول. وفي الإيضاح الثّالث بيان لاستراتيجية قرائيّة تعتمد عليها المقاربة المعتمدة، وهي استراتيجية تنطوي على وعي بالنقصان الذي تتأسّس عليه المعرفة النقديّة. نقصان يجذّر الحاجة إلى قراءة فاتحة ومنتجة، تواكب سفر وتحوّل وتمنّع القصيدة دون أن تفضي إلى مخارج نهائيّة تطمس المقروء، وتغلق الممكنات اللّانهائيّة للقراءة. وتبعاً ذلك، تضمّن البحث خمس قراءات في أعمال شعرية تجريبية، العمل الأول هو “ديوان طنجة 2012” لسعدي يوسف، والثّاني “يقظة الصّمت” لمحمد بنيس، والثالث “أوّل الجسد آخر البحر لأدونيس، والرابع “لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي” لمحمود درويش، والخامس “شعب الثالثة فجراً من الخميس الثالث” لسليم بركات.
*”ما هو تقييمكم للجوائز الثقافية التي تقيمها دولة الإمارات؟”
تجود الإمارات علينا اليوم بجوائز مختلفة الاهتمامات والمشارب (القرآن، الشّعر، النّقد، السّرد، المسرح، الفن التشكيلي، العلوم الإنسانية…). وهذا يبين لنا دور الإمارات الكبير في احتضان ورعاية النشاط الثقافي العربي، ومن ثمة دورها البارز في تحصين الوجود الرمزي للإنسان العربي في زمن الاختراق الثقافي المتسارع، وفي زمن الالتفاف الشامل حول ما هو مادي ووظيفي. كما أنها تبين على أن دولة الإمارات تتحمّل، على نحو ريادي، مسؤولية البناء لتنمية خاصة هي تنمية الإنسان محليّاً وإقليميّاً وقوميّاً باعتبارها الخطوة الأولى والحاسمة في اتجاه أشكال أخرى من التنمية.
*”ما هو الطريق الذي اتبعتموه لدخول عالم الكتابة النقدية؟”
كان ولوجي إلى مجال الكتابة النقدية بفضل، وبتحفيز، وبدعم من النشاط الثقافي بالشارقة، فإصداري الأول في مجال النقد ارتبط بفوزي بمركز أوّل في الجائزة المخصصة لاكتشاف المواهب الإبداعية بين الشباب (جائزة الشارقة للإبداع العربي: الإصدار الأول). وأنا ممتن بشكل كبير لدائرة الثقافة بالشارقة، فهي التي فتحت لي المجال لاكتشاف نفسي كناقد، فبفضل النشاط الثقافي التي تنظّمه وترعاه الشارقة، أنا اليوم ناقد فائز بين ثلاثة نقاد داخل جائزة لها وزن كبير داخل الساحة الثقافية العربية. وبهذا الدعم، تمكنت من تجاوز عقبة تعتبر حاجزاً كبيراً يقف في وجه الكثير من المبدعين، وهو حاجز الإصدار الأول، وما يرتبط به من صعوبات، خصوصاً على مستوى اختيار الموضوع وعلى مستوى نشر البحث.
*”كيف ترون أهمية النقد في تقدير وفهم الشعر؟”
أعتبر أن النقد بالنسبة للشعر، هو بمثابة الضوء الذي ينير طريق الكتابة الشعرية ويفتح لها منافذ للتطور واكتشاف نفسها. فالنقد هو تلك المرآة التي يرى فيها الشّعراء أنفسهم. وهنا تشتدّ الحاجة إلى نقد مساعد وفاتح ومنتج، وليس نقداً يعرقل تطور ومسير الكتابة الشعرية. النقد هو أيضاً ذلك الوسيط الذي يجب أن يقرّب بين الشعر وقرائه ومتذوّقيه، فهو الكاشف للأبعاد الجمالية وملامح الخلق والإبداع الذي يستبطنه القول الشعري. بهذا المعنى، فإن الشعر من دون نقد، يبدو يتيماً ومظلماً، والشعر الذي تواكبه حركة نقدية، يندفع دائماً نحو الأمام متجّهاً وطامحاً إلى الخلق المستمر الذي يتحقّق باجتراح الكتابة الشعرية لممكنات تعبيرية وعوالم جديدة.
*”هل تعتقدون أن هناك أزمة في ميدان النقد الثقافي العربي في الوقت الحالي؟”
نحن اليوم نعيش بالفعل انحساراً وأزمة على مستوى الفكر النقدي بصفة عامة، وهذا يعود إلى انتشار ثقافات جديدة تقوم على الاستهلاك والتوافقية على مستوى السلوكات والعادات والأفكار. هذا إضافة إلى عوامل أخرى تعود إلى انتشار ثقافة الترفيه والفرجة التي أصبحت تعزو الوسائط الرقمية وتجد لها تصريفات على مستوى المعيش اليومي للإنسان. كل ذلك أصبح يساهم في نشر البداهة والسطحية على حساب الفكر النقدي بما هو تدبّر وإعمال للفكر في النظر إلى الأشياء. هذا التراجع للفكر النقدي أصبحنا نجد له انعكاسات حتى على مستوى الممارسة النقدية التي تنجز على هامش الكتابة الإبداعية، حيث أصبحنا نجد نقداً لا نقد فيه، نقد هو عبارة عن تطبيقات لمفاهيم ونظريات جاهزة، أو هو عبارة عن إسقاطات خارجية لتصورات معينة على المقروء. هذه الصورة التي أصبحت تحكم الكثير من صور النقد، إنما تؤكد أننا اليوم نعيش أزمة نقد، ليس على مستوى التفكير العام، والحياة الواقعية فقط، وإنما كذلك على مستوى الكتابة النقدية وبعض أشكال حضورها وممارساتها.
*”من هم النقاد العرب الذين ترونهم مرجعًا بالنسبة إليكم؟”
المعرفة النقدية بصفة عامة هي معرفة تراكمية، فهي حصيلة لنظريات ومفاهيم وتصورات راكمها السّابقون وأتاحوا المجال للاستفادة منها بالنسبة للّاحقين. لذلك فكل النقاد السابقين، نحن ندين لهم بفضل معين. فنحن، كما يؤكد ذلك بيرنار دي شارتر، أقزام نجثم على أكتاف العمالقة. لذلك فكل النقاد الذين ساهموا في مراكمة المعرفة النقدية، هم مرجع بالنسبة لنا. وهذه المرجعية المتعددة على مستوى الرؤية والقراءة، تعتبر من الأهداف التي يجب أن ينشدها النقد المعاصر في جميع تخصصاته وممارساته، فهي شرط ضروري لإنتاج نقد منفتح وخلاق ومنتج.
*”ما هي العناصر التي تضعونها في مراهناتكم أثناء كتابتكم للنقد؟”
من الأشياء التي أراهن عليها أن الكتابة النقدية دائماً ينبغي أن تحترم الخصوصيات الفنية للجنس الأدبي المقروء، وأن تتضمن مداخل قرائية تعزز فنية المقروء وتفتح لها منافذ للتحقّق والبروز. فالنقد يجب أن يحترم في الشعر شعريته، وفي السرد سرديته، وفي المسرح دراميته، وهكذا دواليك. كما أننا نراهن دائماً على ممارسة نقدية تحمل تلك الإضافة التي تساهم بقسط معين في تراكمية المعرفة النقدية، فبهذه الإضافات تتشكل قيمة الدراسة النقدية. وفي كتابتي النقدية، يحكمني دائماً هاجسٌ أساسي يتمثل في أولية النص والإبداع. وهي الأوليّة التي تجعل النقد لاحقاً للإبداع وليس سابقاً عليه. وهذا من شأنه أن يعطينا نقداً يحفّز الإبداع ويفتح له ممكنات للاستمرارية والخلق، لا نقداً معرقلاً أو مغلقاً لهذه المنافذ والممكنات.