د. عبدالله المغلوث
قرر أمانسيو أورتيجا جاونا افتتاح متجر يبيع أرواب الحمامات في إسبانبا عام 1972. بارك والده الخطوة لكن حذره أن يقوم بتسمية المتجر باسمه. كان يرى الأب أنه كلما كان الاسم بسيطا وغامضا ساعد على النجاح والانتشار. تحايل أمانسيو على تحذير والده وسماه شركة كونفيسونيس جوا (تمثل الحروف الأولى من اسمه معكوسة مع إضافة أخرى يفضلها).
لم يحظ المتجر بقبول الزبائن. اضطر إلى إغلاقه والتفكير في مشروع آخر. حرص أن يشتمل مشروعه الجديد على منتجات متنوعة. جاكيتات وسراويل وقمصان وأحذية. ترتكز فكرة المتجر أن ينتج نوعيات محدودة وبسعر مناسب حتى تكون في متناول الجميع لكن لا يلبس نفس القطعة الجميع. أطلق على المتجر الذي افتتحه عام 1975 اسم زوربا متأثرا برواية “زوربا اليوناني”، التي كانت تجد قبولا لدى الكثيرين، وقتئذ. بيد أنه أجبر على تغيير الاسم؛ لأن محل آخر على نفس الشارع كان يحمل نفس الاسم. احتار أمانسيو كثيرا في اختيار الاسم الجديد؛ كون أثاث متجره يعتمد على حرف (ز). بعد نقاش مع رفاقه وأقاربه استقر على اسم (زارا) محافظا على الحرف الأول ومنفردا باسم جديد ومبتكر. دفعت غرابة الاسم وفرادته أن يكون محور أسئلة الزبائن الذين استهواهم الاسم والمنتج معا. حقق المتجر إقبالا ملحوظا أعاد أمانسيو إلى نصيحة أبيه المبكرة بأن يحرص على الغموض والتشويق في مشروعه التجاري. إمعانا في هذا الاتجاه قام أمانسيو بالاحتجاب عن الأنظار وعدم السماح للإعلام بالكشف عن صورته أو إجراء مقابلات معه.
كان أقصى ما يعرف الناس عن “زارا” أنه تأسس على يد شخص يدعى أمانسيو أورتيجا جاونا، لكن لا أحد يعلم من هو وكيف يبدو وما هي توجهاته واتجاهاته، كانت الكثير من التفاصيل مغيبة حوله.
شعر أمانسيو أن جزءا كبيرا من النجاح يعود إلى الأسئلة والإشاعات والقصص، التي اخترعها الزبائن وغير الزبائن عن هوية مالك زارا. فالكل يود أن يزور زارا ليستكشف ويعانق متجر الغرائب.
استمتع أمانسيو بحياته الخاصة رغم ثرائه وارتفاع أسهم شركته العالمية. لقد كان يزور فروع زارا ويستمع إلى إعجاب وامتعاض الزبائن. يشاهدهم وهم يقيسون الملابس ويقطفونها من الرفوف. ساعده هذا الانغماس مع الناس أن يطور خطوط إنتاجه ومنتجاته التي تزداد يوما بعد يوم.
ظل 25 عاما متواريا عن الأنظار. لكن بعد أن ثبت زارا أقدامه كإحدى كبريات العلامات التجارية ظهر أمانسيو للعالم في حفل لتدشين أحد المنتجات. كانت لحظة تاريخية رصدتها عدسات الكاميرات باهتمام. تصدر أمانسيو العناوين الرئيسة في وسائل الإعلام الإسبانية.
ولم يستطع حتى اليوم سوى ثلاثة صحافيين أن يجروا مقابلات صحافية معه.
يعزز الغموض فضول الناس ونهمهم. يدفع إلى الإقبال على شخصيات ومنتجات بحثا عن إجابات. يفتش الآخرون دائما عن الأساطير. وإذا لم يجدوها اخترعوها. وإحدى ميزات الأساطير اختفاؤها.
ازدد غموضا تزدد شعبية أحيانا.