محمد العصيمي
أكثر ما أكره في هذه الدنيا (الخرط) الذي ترى من خلاله الأرض بردا وسلاما وورودا ثم ينتهي الأمر بأرض جرداء قاحلة وموحشة. ومن طبائعنا أننا نصدر الأنظمة ونتخذ الإجراءات الكبرى ونبشر الناس بها، ثم إذا هي محض كلام في كلام. ومن ذلك تلك البشرى التي صدعتنا بها وزارة العمل من توفر خدمة الاستقدام عبر شركات معتمدة وتوفير عاملة منزلية بالساعة واليوم والشهر. وقد احتجت إلى خادمة لوالدتي العاجزة والمريضة في الرياض فنصحوني، ما دمت مستعجلا، بالذهاب إلى قائمة شركات الاستقدام في موقع وزارة العمل على الإنترنت.
وحين جلست أنا وزوجتي نتصل بالأرقام التي كانت على تلك القائمة وجدنا، يا وزير العمل، ما يلي: خمس شركات لم ترد على اتصالاتنا نهائيا، وشركة رد موظفها وأخبرنا بأنه لا يتوفر حاليا خادمات. أما الشركة الثالثة فقد أفادتنا بأنه علينا أن نذهب لمكتبها ونوقع عقدا هناك لاستئجار خادمة بـ900 ريال تأتي للبيت للتنظيف مرة واحدة في الأسبوع لست ساعات فقط في كل زيارة. أي كل زيارة بـ 225 ريالا. وهذا لعمري استغلال للناس واستهبال على عقولهم وجيوبهم ليس بعده استغلال ولا استهبال.
طبعا تحول الأمر في نهاية مطاف الاتصالات المتوالية إلى نكتة كبيرة ضحكنا منها وضحكنا أكثر على أنفسنا حين صدقنا أن هناك خدمة حقيقية تتوفر باحترام ويسر وسهولة، إذ كيف انطلت علينا حكاية شركات الاستقدام التي تعمل على طريقة شبيك لبيك وتسعفك، وأنت تدفع من حر مالك، حين تحتاج إلى خدماتها في حالة طوارئ أو حتى في حالات عادية.؟!
أما نتيجة تقييم هذه الخدمة فكانت صفرا مكعبا كبيرا مع تقديم ملاحظة للراسبين في تقديمها بمن فيهم وزارة العمل نفسها، وهي أن دولا كثيرة تتوفر فيها خدمات العاملات المنزليات بأكثر الطرق مرونة وسهولة، فبمجرد أن تحتاج عاملة منزلية تتصل على الشركة التي تتأكد من بياناتك ومصداقيتك بطرق معتمدة ومحترفة ثم تختار نوع التوظيف وطريقة الدفع مباشرة أو ببطاقة الائتمان. وخلال ساعات تكون الخادمة في بيتك. أي أن المسألة بسيطة جدا وليس فيها اختراع أو اختراعات للعجلة.
المهم هو أن تتوفر لدى الجهة المعنية بالأمر إرادة خدمة المواطن بالصورة الصحيحة وأن تتوفر لديها وسائل المتابعة والمراقبة لمن يقدمون هذه الخدمة حتى لا تترك لهم مجالا لاستغلال الناس أو (تطنيشهم) أو الاستخفاف بحاجاتهم. وبالتالي ما هو مطلوب شيء قليل من الاحتراف والاحترام لتكون حياتنا، حين ندفع فلوسنا، أسهل، فهل في ذلك صعوبة من أي نوع؟!