لا تعيش البكتيريا الجيدة في أمعائك فحسب، بل في جميع أنحاء جسمك، إذ تساعد في درء الأمراض القاتلة من السرطان إلى الالتهابات.
ويكتشف العلماء بشكل متزايد طرقًا جديدة تجعل ميكروبيومنا (مجتمع البكتيريا والفيروسات التي تعيش داخلنا) مفتاحًا لصحتنا، وقد يكون حتى مصدرًا لمضادات حيوية جديدة.
باستخدام عينات ميكروبيوم الأمعاء من 1800 شخص، حدد الباحثون في الولايات المتحدة مؤخرًا عشرات الميكروبات التي نجحت ضد البكتيريا المسببة للأمراض في المختبر.
عندما تم اختبار أحد هذه الميكروبات على الفئران المصابة ببكتيريا شائعة، كان فعالًا مثل العلاج الأخير الحالي، وفقًا لما ذكرته مجلة Nature.
ولكن في حين يعرف معظمنا الآن شيئًا عن ميكروبيوم الأمعاء، إلا أن هناك ميكروبيومات أخرى في كل مكان تقريبًا – في رئتينا وأفواهنا وحتى في مفاصلنا، كما يوضح البروفيسور لويجي نيبالي، رئيس مركز تفاعلات المضيف والميكروبيوم في كينجز كوليدج لندن.
وقال: “على الرغم من أننا نبدو بشرًا، لأن هناك العديد من الميكروبات التي تعيش في أجسامنا، فإن 99% من مادة الحمض النووي داخلنا هي في الواقع الحمض النووي للميكروبات. لن تكون العديد من وظائفنا ممكنة بدون الميكروبات ولن ننجو بدونها”.
فوائد وأضرار الميكروبيوم في أجسامنا
استعرضت “ديلي ملي” البريطانية بعضا هذه الميكروبات المختلفة وما تقدمه من فوائد أو أضرار:
1- الفم
بعض الميكروبات التي تعيش بين أسناننا ليست مسؤولة فقط عن أمراض اللثة، ولكنها يمكن أن تسبب الفوضى لأنها يمكن أن تنتقل في جميع أنحاء الجسم مسببة الالتهابات والأضرار.
وقد ربطت الأبحاث بين أمراض اللثة المتقدمة والنوبات القلبية والسكتات الدماغية، ومؤخراً بين الخرف والتهاب المفاصل الروماتويدي وحتى السرطان. لذا فإن نظافة الفم الجيدة لا تقتصر على منع تسوس الأسنان.
2- الأنف
يحتوي ميكروبيوم الأنف على مستويات أعلى من البكتيريا الضارة مثل العقدية والمكورات العنقودية الذهبية مقارنة بأجزاء أخرى من الجسم لأننا نتنفس باستمرار ميكروبات جديدة.
يمكن لهذه البكتيريا أن تلحق الضرر بالرئتين إذا انتقلت إلى هناك، كما يوضح ويليام كوكسون، أستاذ الطب الجينومي في إمبريال كوليدج لندن.
وقال: “لا يوجد قدر كبير من البحث، ولكن يُعتقد أنه في ميكروبيوم الأنف الصحي، تلعب البكتيريا الجيدة، جنبًا إلى جنب مع بطانة الأنف والمخاط وشعر الأنف، دورًا في التفوق على الميكروبات الضارة. ربما يفعلون ذلك عن طريق استهلاك المزيد من العناصر الغذائية، وبالتالي منع مسببات الأمراض من التكاثر”.
تشمل البكتيريا الجيدة سلالات روثيا، والتي ثبت أنها تمنع نمو موراكسيلا كاتاراليس في الأنف. ترتبط بكتيريا موراكسيلا بعدوى الأذن وأمراض الجهاز التنفسي، بما في ذلك الربو.
3- الرئتان
يساعد ميكروبيوم الرئة المتنوع في تنظيم الاستجابة المناعية. وهذا يجعل من الضروري تجنب حالات مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD، وهو اسم لمجموعة من الحالات غير القابلة للشفاء، بما في ذلك التهاب الشعب الهوائية، والتي تلحق الضرر بالحويصلات الهوائية في الرئتين)، كما يوضح البروفيسور كوكسون.
4- الثدي
تشير الأدلة الناشئة إلى وجود ميكروبيوم في الثديين. وفي دراسة نُشرت عام 2021، وجد باحثون من عيادة كليفلاند في أوهايو بالولايات المتحدة أن عينات أنسجة الثدي من النساء المصابات بالسرطان تحتوي على تنوع ميكروبي أقل من غير المصابات بالسرطان، كما هو الحال مع غير المصابات بالمرض ولكن المعرضات لخطر كبير (بسبب الجينات أو التاريخ العائلي).
كما اختلفت البكتيريا الموجودة في الثدي بين أنواع السرطان ومع شدة المرض؛ حيث كانت البورفيروموناس ولاسيباكتر وإيزاكيلا وفوزوباكتيريوم موجودة غالبًا عندما يتقدم السرطان، على سبيل المثال.
5- الأمعاء
لا تؤثر الميكروبات الموجودة في أمعائنا على عملية الهضم فحسب، بل يمكن أن يكون لها تأثيرات بعيدة المدى في جميع أنحاء الجسم بفضل المنتجات الثانوية مثل الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (التي تنتج بعد أن تكسر البكتيريا الألياف).
وقال الدكتور ألكسندر ألميدا، الباحث في جامعة كامبريدج والذي يعمل على ميكروبيوم الأمعاء: “يرتبط الإنتاج العالي للأحماض الدهنية قصيرة السلسلة بانخفاض مستويات الالتهاب في الأمعاء وحول الجسم”.
وتابع: “إن المستويات الأعلى من الالتهاب مرتبطة بأمراض مزمنة مثل مرض التهاب الأمعاء ومرض باركنسون”. (ويضيف أن بعض السلالات تخضع الآن للتحقيق كعلاج محتمل لهذه الحالات).
يؤثر ميكروبيوم الأمعاء أيضًا على أدمغتنا ويرتبط بالتوتر والاكتئاب وحتى مرض باركنسون، وفي الوقت نفسه ترتبط قدرة الكبد على التجدد ببكتيريا الأمعاء روزبوريا التي تكسر الألياف وتنتج أحماضا دهنية قصيرة السلسلة.
ويمكن لبكتيريا الأمعاء حتى إبقاء مستويات الكوليسترول تحت السيطرة، إذ وجدت دراسة معملية نشرت في مجلة Cell في أبريل أن سلالات بكتيريا Oscillibacter تحتوي على إنزيم يمكنه تكسير الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL) إلى مادة غير ضارة، وهي الكوبروستانول، والتي يفرزها الجسم بدلاً من امتصاصها.