وتفترض معظم نظريات معالجة اللغة أن الكلمات تُفهم بالتتابع، واحدة تلو الأخرى. لكن الدراسة الجديدة تظهر أن هناك قدرة على فهم التراكيب بسرعة أكبر مما كان يعتقد سابقا.
وقالت البروفيسورة لينا بيلكانين، المؤلفة المشاركة للدراسة من جامعة نيويورك، إن معظم نظريات معالجة اللغة تفترض أن الكلمات تُفهم واحدة تلو الأخرى، بالتسلسل، قبل دمجها لإعطاء معنى الجملة بأكملها.
وأضافت: “من هذا المنظور، لا ينبغي أن تعمل معالجة اللغة في لمحة حقا لأنه لا يوجد وقت كاف لجميع عمليات المعالجة المتسلسلة للكلمات ودمجها في تمثيل أكبر”.
ومع ذلك، يقدم البحث رؤى جديدة، ويكشف أنه يمكننا اكتشاف هياكل جملة معينة في أقل من 125 مللي ثانية، وهو إطار زمني مشابه لغمز العين.
وأشارت بيلكانين: “لا نعرف بعد بالضبط كيف يمكن اكتشاف هذه البنية فائقة السرعة، لكن الفرضية العامة هي أنه عندما يتوافق شيء تدركه جيدا مع ما تعرفه عنه – في هذه الحالة، نتحدث عن معرفة القواعد النحوية – يمكن أن تساعدك هذه المعرفة في تحديد الحافز بسرعة كبيرة. لذا، تماما كما يمكنك التعرف على سيارتك بسرعة في موقف السيارات، يمكن التعرف على بعض هياكل اللغة بسرعة ويمكن أن تؤدي بعد ذلك إلى تأثير سريع للقواعد النحوية في الدماغ”.
ويقول الفريق إن النتائج تشير إلى أوجه تشابه مع الطريقة التي ندرك بها المشاهد المرئية، مع ملاحظة بيلكانين أن النتائج يمكن أن يكون لها استخدامات عملية لمصممي الوسائط الرقمية، وكذلك المعلنين ومصممي علامات الطرق.
وفي مقال كتبته في مجلة Science Advances، أفادت بيلكانين وزملاؤها كيف استخدموا جهاز مسح غير جراحي لقياس نشاط الدماغ لـ 36 مشاركا.
وقد عُرضت على كل مشارك جملة تبدأ بثلاث كلمات تومض لمدة 300 ميللي ثانية، تليها جملة ثانية متطابقة أو مختلفة بكلمة واحدة. وطلب من المشاركين الإشارة إلى ما إذا كانت الجمل متطابقة، مع تكرار التجربة باستخدام جمل مختلفة.
وأظهرت النتائج أن المشاركين كانوا أسرع وأكثر دقة في تحديد ما إذا كانت الجمل متطابقة عندما كانت تحتوي على فعل وفاعل ومفعول به، مقارنة بالجمل التي تحتوي على مجرد قائمة من الأسماء.
كما زاد نشاط الدماغ بسرعة أكبر عند عرض الجمل التي تحتوي على فعل وفاعل ومفعول به، مع اكتشاف النشاط في القشرة الصدغية الوسطى اليسرى في غضون 130 ميللي ثانية، أسرع بنحو 50 ميللي ثانية من الجمل التي كانت مجرد قائمة من الأسماء.
وعلى الرغم من أن هذه الدراسة ركزت على اللغة الإنجليزية، يشير الباحثون إلى أن هناك احتمال أن يتم تطبيق هذه النتائج على لغات أخرى، ما يعكس تنوع عمليات فهم اللغة.