أعلنت مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن نتائج مؤشِّر المعرفة العالمي لعام 2024، المؤشِّر المرجعي العالمي الذي يقيس أداء الدول في مجالات المعرفة المختلفة، وذلك خلال جلسة حملت عنوان “شراكة مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: تنمية المعرفة في المنطقة العربية وخارجها” ضمن جلسات قمَّة المعرفة 2024 التي تنعقد يومي 18 و19 نوفمبر الجاري في مركز دبي التجاري العالمي.
وحضر الجلسة كلاً من معالي الدكتور عبدالله الدردري، الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وسعادة جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، والدكتور هاني تركي، رئيس المستشارين التقنيين ومدير مشروع المعرفة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وأشار معالي الدكتور عبدالله الدردري، إلى ضرورة أن تعي الحكومات أهمية حرية المعلومات وضرورة توفيرها وإعطاء المجال للشباب للحصول على المعرفة بمختلف مصادرها، مؤكداً أن لا مستقبل لنا ما لم يتمكن الشباب من التعبير عن أنفسهم بطريقة إبداعية ويكونوا حجر الأساس لبناء اقتصاد المعرفة.
وقال معاليه: “يمثل مؤشر المعرفة العالمي أداة مهمة للتخطيط الاقتصادي لدول العالم. و”من خلال مبادرة “مهارات المستقبل” و”أكاديمية مهارات المستقبل” و”التحالف العالمي لتنمية وتطوير المهارات” نسعى لبناء أمل حقيقي لدول المنطقة في سعيها نحو بناء مجتمعات المعرفة من خلال تضييق فجوة المهارات والتعليم فيها. بحيث يكون التعلّم واكتساب المعرفة دافعاً دائماً للشباب، فالعلم هو نبع لا ينضب والمعرفة الأداة الأهم لتطوير مجتمعاتنا وتحسين شروط الحياة فيها.
من جانبه، قال سعادة جمال بن حويرب: “اكتسب مؤشِّر المعرفة العالمي زخماً متنامياً على مدار ثمانية أعوام، وأثبت مع كل نسخة بأنه أداة بالغة الأهمية يمكن لدول العالم الاسترشاد بها من أجل بلورة سياساتها الوطنية وتفعيل صناعة القرار، إذ يعتمد المؤشِّر على تحليلات دقيقة وبيانات مستندة إلى أسس علمية، ويشمل العديد من المؤشِّرات الفرعية التي تغطي مختلف الجوانب العلمية والبحثية والهيكلية بما يسهم في تمكين الحكومات والمؤسَّسات من تحديد مكامن الفرص والتحديات ووضع الاستراتيجيات الكفيلة بتعزيز الابتكار وتحقيق التنمية الشاملة. وتظهر نتائج هذا العام تقدماً ملموساً لبعض الدول، ولا سيما الدول العربية، وضرورة ملحة لتطوير استراتيجيات التعليم والبحث والابتكار في العديد من دول العالم في الوقت نفسه”.
بدوره قدم الدكتور هاني تركي، عرضاً شاملاً حول نتائج مؤشر المعرفة العالمي لعام 2024، متحدثاً عن أهم الإنجازات التي حققتها بعض الدول، والجوانب المعرفية التي تتطلب المزيد من التركيز من أجل تحسين ترتيبها على سلم المؤشر.
وأوضح بأن أكاديمية مهارات المستقبل المشروع الذي تم الإعلان عنه مؤخراً هي بمثابة خطوة تطويرية لـ “مبادرة مهارات المستقبل” بحيث تتوسع معها فرص التعليم والتدريب وتأخذ معها المبادرة أبعاداً جديدة ترتبط من خلالها مع المؤسسات التعليمية والجامعات. وأشار إلى أنه لا يجب الخوف من حلول الذكاء الاصطناعي محل البشر، وإنما سيمكّن المؤسسات والأفراد الذين يستخدمونه من امتلاك ميزة تنافسية حقيقية، منوهاً إلى ضرورة تطويعه لخدمة البشرية.
وشمل المؤشِّر 141 دولة، أي ما يعادل تقريباً ثلاثة أرباع دول العالم، بزيادة قدرها 8 دول مقارنةً بنسخته الماضية، ليوفر بذلك صورة شاملة لواقع المعرفة حول العالم، ويقدم نفسه أداةً معيارية فريدة لمقارنة الجوانب التعليمية والتكنولوجية والبحثية والتنموية بين الدول، والتركيز على نقاط القوة والعمل على معالجة التحديات المحلية والعالمية المرتبطة بهذه الجوانب.
وتصدَّرت السويد التصنيف بقيمة مؤشِّر بلغت 68.3 وبفارق طفيف عن فنلندا 68.2 وسويسرا 67.9 اللتين احتلتا المرتبتين الثانية والثالثة تباعاً، وجاءت الدنمارك وهولندا في المرتبتين الرابعة والخامسة بنسبة بلغت 66.8 لكل منهما، حيث سيطرت الدول الأوروبية على المراكز العشرة الأولى فيما عدا الولايات المتحدة الأميركية التي احتلت المرتبة السابعة بنسبة قدرها (66.2).
وتضمن المؤشِّر 11 دولة عربية، حيث احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى عربياً و26 عالمياً بمؤشِّر قدره 60.9، تلتها قطر التي احتلت المرتبة 39 عالمياً بمؤشِّر قدره 55.5 بفارق بسيط عن المملكة العربية السعودية التي احتلت المرتبة الثالثة عربياً و41 عالمياً بنسبة قدرها 54.8، فيما حلَّت سلطنة عمان في المرتبة الرابعة عربياً و55 عالمياً بنسبة قدرها 50.0، وجاء لبنان -الذي أضيف حديثاً إلى المؤشِّر- في المرتبة الخامسة عربياً و81 عالمياً عند نسبة قدرها 45.4 في سلم المؤشِّر.
واحتلت عشر دول أفريقية المراتب الأخيرة من المؤشِّر، وجاءت النيجر في المرتبة 140 ما قبل الأخيرة بنسبة مؤشِّر هي 25.8، فيما كانت المرتبة 141 والأخيرة من نصيب تشاد بنسبة 23.4.
وأظهرت بيانات مؤشِّر المعرفة العالمي لعام 2024 أداءً متميزاً للدول العربية في عدة مؤشِّرات قطاعية، وخاصة قطاع التعليم ما قبل الجامعي الذي احتلت فيه المملكة العربية السعودية المرتبة الرابعة على مستوى العالم، وبلغ معدل الدول العربية فيه 64.1 نقطة متجاوزاً المعدل العالمي البالغ 61.9 نقطة. وكذلك قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الذي حققت خلاله الدول العربية معدلاً قدره 49.5 نقطة متفوقةً على المعدل العالمي البالغ 48.2 نقطة، إذ جاءت دولة الإمارات في المرتبة الرابعة والمملكة العربية السعودية في المرتبة السابعة عالمياً، مما يشير بوضوح إلى الخطوات المتقدمة التي أحرزتها كل منهما على صعيد تطوير البنية التحتية التكنولوجية وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في الخطط التنموية.
وفيما يتعلق بالاقتصاد، جاءت دولة الإمارات ضمن قائمة أفضل عشر دول عالمياً في هذا القطاع الفرعي الذي يقيس التنافسية الاقتصادية والانفتاح الاقتصادي والتمويل والقيمة المضافة المحلية، بينما جاء أداء الدول العربية في مجالات البحث والتطوير والابتكار مساوياً للمعدل العالمي الذي بلغ 31.5 نقطة.
وبالمجمل، عكس مؤشِّر المعرفة العالمي لعام 2024 تقدماً مطرداً في بعض الدول العربية، وخاصة الإمارات والسعودية وقطر في عدد من المجالات الحيوية مثل التعليم والتكنولوجيا والاقتصاد، مع الإشارة إلى وجود حاجة حقيقية لتطوير هذه الجوانب في الدول العربية الأخرى التي شملها المؤشِّر لا سيما فلسطين والمغرب وموريتانيا.