محمد مهاوش الظفيري شاعر شعبي وفصيح , وباحث في الأدب الشعبي , وناقد في الأدب الشعبي والشعر العربي الفصيح . أعمل محاضرًا متعاونًا في أكاديمية الشعر التابعة لهيئة أبو ظبي للتراث والثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة , وذلك منذ ستمبر 2009 مـ , ولا زال حتى هذا الوقت . كما عملت كاتب أسبوعي بقسم الرأي في جريدة الشرق السعودية لأكثر من سنتين . وكذلك عملت ككاتب زاوية أسبوعية بالمجال الثقافي في مجلة اليمامة , زاوية : وشم , ولا زلت في ذات المجلة أقوم بعمل عدد من اللقاءات الثقافية مع عدد من الشعراء والروائيين والمؤالفين العرب والسعوديين .
أما بشأن البدايات , فقد كانت البدايات المتعثرة منذ المرحلة الثانوية في أواخر الثمانينات الميلادية , لكنها بدايات متسرعة وغير جادة , تعوزها الخبرة , وتنقصها الجدية في التناول , ونظرًا لعدم وجود الكاتب أو الشاعر الناصح من الأقارب أو الأصدقاء الذي خاض هذا المضمار فقد ظلت البدايات تدور في فلك التقليدية , التي سرعان ما توقفت حينما انشغلنا بالدراسة الجامعية , غير أن البدايات الجادة والكتابات ذات الخط الاستبصاري الواضح سواء كانت نثرية أو شعرية انطلقت ما بين 1995 – 1996 , عندما عاودت مجلة الغدير للصدور من جديد حيث فتح لي الأستاذ نايف حمدي الحربي نافذة للإطلالة من خلالها على جمهور القراء , من ذلك الوقت كانت الانطلاقة الحقيقية الجادة والتي لم تتوقف ولله الحمد حتى كتابة هذه السطور .
2- كم بلغ عدد اصداراتك؟ وعن ماذا كانت؟ وهل كانت تجربة ناجحة؟
لي عدد من الإصدارات الأدبية , والتي سأضعها الآن أمام القارئ الطريم للاطلاع عليها , وهذه الإصدارات :
1 – إضاءات على قصائد شعبية , وهي مجموعة قراءات نقدية في عدد من قصائد الشعراء .
3- بمن تأثر محمد مهاوش سواء من الكُتاب والشعراء؟ ومن كان الداعم لك ؟
كانت بدايات القراءة متصلة بقراءات أمهات الكتب ككتب المعلقات وجمهرة أشعار العرب , ثم أحمد شوقي وجيل الرواد , بدأت القراءة وحرصت على حفظ الشعر , ونظرًا لعدم تعرفي على شعراء أو كتاب ذوي خبرة , فقد كنت أحفظ كل ما يصادفني بما فيه الشواهد النحوية التي كنت أجد صعوبة في حفظها , لكنني حفظت العديد منها . أما حينما نضج وعيي وتوسعدت مداركي فقد تأثرت كثيرًا بالشاعر ايليا ألأبو ماضي ونزار قباني , وبعد تراكم سنوات الخبرة اتجهت لحفظ العديد من قصائد شعر النبط كقصائد سند الحشّار وتركي ابن حميد والشريف بركات ومحمد النجدي الصقري صاحب الشيخة والإمام تركي بن عبد الله آل سعود .
3- هل يجب نقد النص او نقد الشاعر الذي كتب هذا النص؟ لأننا نرى فريقين في حالات النقد. ومتى يصل الشاعر الى القدرة على النقد؟
أنا مع نقد النص وليس مع نقد الشاعر , لأن نقد الشاعر فيه شخصنة , وعمل مجافٍ لروح النقد والثقافة . نقد الشعر أو نقد النص هو النقد , والنقد قديم قدم الحضارة العربية , أما توجيه سهام الاتهام للشاعر فهو انتقاد وتصفية حسابات لا تليق بمثقف وإنسان يحترم نفسه .
أما بخصوص : متى يصل الشاعر الى القدرة على النقد , فهذا ليس من مهام الشاعر , فالشاعر المبدع عليه أن يقول , ويترك الآخريبن خلفه يتحاكمون , وقد سمع الشاعر أبو الطيب المتنبي لنقد العالم اللغوي أبي الفتح عثمان ابن جني وهو يحلل بعض شعره , فأعجب فيه , وكان حينما يتم سؤاله عن معاني شعره , كان يقول لسائليه : اسألوا ابن جني فهو أدرى بشعري مني .
4- قد يقول قائل أنا أصبحت شاعر ولا أحتاج قراءة كتب النقد أو الاضاءات،من برأيك جمهور هذه الكتب؟
لو فتشنا في كتب الأدب والتاريخ وعلم الاجتماع , ولو اطلعنا على تراجم شكسبير وتولستوي , أو أدباء وشعراء العرب القدماء كامرئ القيس والنابغة وعنترة أو كالمعري والمتنبي وابن الرومي الذين قدمت عنهم عشرات الدراسات النقدية والتحليلية , لاكتشفنا أنهم لم يقرأوا حرفًا واحدًا عن دراسات علم الاجتماع أو علم النفس , أو يدرسوا فنون النقد وتطبيقاته , ولم يتخرجوا من كليات أو أكاديميات تهتم بدراسات علم الجمال والأخلاق وفنون المعرفة الأخرى .
المشكلة بين الشاعر والنقد مشكلة أزلية , فالشاعر يشعر بأنه طائر يحلق في السماء بينما النقد شيك معقد الحلقات أو سجن رهيب , والناقد أشبه بحارس الشبك أو السجان , فتخيل أنت يا صديقي المحاور , كيف حال هذه العلاقة ستكون , حتمًا ستكون علاقة ريبة وشك وطنون .
6-قصيدة غالباً ماتكون روح محمد مهاوش ترددها .
كثرة القصائد التي أرددها بيني وبين نفسي , سواء من الشعر العربي أو الشعر النبطي , لكن الأبرز في هذا قصيدتان , الأولى ” غرناطة ” لنزار قباني , والثاني ” الشيخة ” للصقري وقصيدة فخر الإمام تركي ابن سعود بنفسه .
7- ماذا قدمت البيئة لك؟ تنقلاتك من مكان الى آخر،هل أسهمت بإثراء مخيلتك الأدبية؟
8- شاعر وناقد ومحاضر ولك إصدارات،أيهما أقرب الى نفسك . وهل تعتبر مهنة أو هواية؟
أنا كل ما ذكرت , وربما أكثر , وأسعى للمزيد والاستزادة في هذا المجال . هناك مقولة وربما كاذبة لكن الكثير منا يحرص على تصديقها بأن أعمالنا الأدبية مثل أولادنا , لذا لا يمكنني التفريق فيما بينها , أو تقديم عمل على آخر . أما من حيث كون النتاج الذي نقدمه , هل هو مهنة أو هواية , فقد كان هواية في الأساس , ولكن الاستمرار في هذا الميدان كل تلك السنوات , جعل هذه الممارسات غذاء روحيًّا وفكريًّا , وكأنها أعمال نحرص على إنتاجها والوفاء بحقها , وتقديمها بأفضل صورة ممكنة .
9- هل فعلاً الشعر رجل؟ والقصيدة إمرأة؟ ومتى كان اول لقاء بينكما؟
” الشعر رجل والقصيدة امرأة ” كان في الأساس مقالاً كتبته , لكن حينما صممت على جمع كتاباتي ذات الصلة بخطوط معينة , تم اختيار هذا العنوان ليكون واجة الكتاب الذي خرج بشكل مقالات ورؤى في الشعر الشعبي .
10- اصدرت أول مسرحية شعرية “غناء العابرين” حدثنا عنها وكيف بدأت الفكرة؟
ما دفعني لخوض هذه التجربة وهي تحويل ( سفر نشيد الأنشاد ) من نص توراتي إلى عمل شعري شعبي هو رغبتي بالتعامل معه كمشروع أدبي صرف لا علاقة له بالدين ، إضافة إلى تطلعي إلى ضخ الشعر الشعبي في منطقة الخليج والجزيرة العربية بنوع جديد من الشعر لا عهد للصحراء ولا لأبنائها بمثل هذه الأشعار , علاوة إلى أنني أعجبت باللغة الشعرية والأسلوب الشاعري الكامن في هذا السفر مع تحفظي على بعض الجمل الأدبية فيه سواء تلك التي تتجاوز المعقول في الوصف الحسي أو التي تتعارض مع القيم الدينية ، لهذا حاولت جاهداً التخفيف من حدة الخطاب الأدبي المشتمل عليه بعض مقاطع هذا السفر، إضافة إلى أنني أثبت القسم بغير الله سبحانه وتعالى وذلك من باب أن “ناقل الكفر ليس بكافر” ومن ثم من أجل نفي ارتباط هذا السفر بالنبي سليمان – عليه السلام – ، غير أنني قمت بوضع اسم سليمان في هذا العمل في مقابلة للفتاة العاشقة له والتي اسمها شولميث، وذلك من خلال وضع مسميات للأشياء وليس على سبيل الاعتراف بها حتى لا يختل العمل ولا يتم بعد ذلك تشويهه . وحينما نجحت هذه الفكرة ووفقني الله بهذا العمل , قمت بتحويله كذلك إلى الشعر العربي الفصيح , وأسميت العمل الثاني (شولميث وسليمان الحكيم ) وكلا العملين مطبوعان ومتواجدان في الأسواق .
11- لك دراسة (ثورة القصيدة الشعبية) هل هي طفرة تقدم ورُقي؟ أم أنها كانت تعاني من الأغلال ثم تمردت؟
هذا الكتاب كان دراسة جادة عن الشعر الحداثي في الساحة الشعبية , ونظرًا لكون عدد من الشعراء قدموا نماذج شعرية فريدة لكنهم – والأغلب منهم – وقع في خطأ كبير وهو عدم جمع نتاجاتهم الشعرية في دواوين , وهذا ما كنت أنادي فيه من سنوات , ومنهم من قلت له بصريح العبارة : ديوانك جمعته لك , وما عليك إلا طباعته لكنه لم يفعل أي شيء حتى الآن . لذا خشيت أن يتجاوز التاريخ هذه التجارب، وتنسى الأجيال الآتية أو يتناسوا هذا النوع من الشعر ، ورغبة في إنصاف هذا النمط الجديد الذي طرأ على القصيدة النبطية الذي شع في الخليج العربي مع بدايات الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي، ومن ثم أخذ بالتراجع والانحسار بعد ذلك ، وقبل أن يتلاشى هذا النوع من الكتابة لمصلحة ما يعرف بالقصائد المنبرية، فضلت وضع حجر الأساس – كما أعتقد – لرصد هذه التجارب الشعرية رصداً فنيّاً من الداخل لا من الخارج ، أي الابتعاد عن تتبع مسارات التطور التاريخية ، مكتفياً بتسليط الضوء على ما حدث في هذه القصائد الحديثة من تناولات شعرية لا عهد للشعر النبطي بها في سالف أيامه ، لهذا حاولت الدخول إلى النصوص الشعرية المختارة من خلال المعاجم اللغوية للشعراء، وعلى هذا الأساس لا يكون من المستغرب أن تختلف نظرتي التي وضعتها هنا عن أي قراءة أو نظرة لأي شاعر من الشعراء ممن شملهم هذا العمل عن أي قراءة نقدية منعزلة كتبتها عن أحدهم أو سأكتبها عنه في الأيام القادمة ، وذلك أنني في هذا العمل أو في أي عمل أدبي آخر أكون خالي الذهن من أي تأثير سابق تجاه هذا الشاعر أو ذاك، كما أنني في المقابل لا أكاد أنفي عن نفسي تهمة الوقوع تحت طائلة الإسقاطات الثقافية المتصلة بمرجعية كاتب هذه السطور ، ومن ناحية أخرى تصب في ذات الصلة بحالته الذاتية المرتبطة به باعتبار أنه كيان ثقافي مستقل عن الشعراء له نظرته الجمالية الذاتية للحياة ككل ، وللنصوص الشعرية كحالة خاصة.
12- هل لازلت محاضراً في أكاديمية الشعر التابعة لهيئة ابو ظبي للتراث والثقافة؟ وماذ قدمت لك هذه التجربة؟
نعم , لازلت أحاضر بالأكاديمية , ومن الطبيعي لمشروع رائد ثقافيًّا وأكاديميًّا على مستوى المنطقة الخليجية والوطن العربي بشكل أعم وأشمل أن يضيف لي جوانب معرفية جمة , لعل أبرزها تعرفي على أستاذين فاضلين من أهم من خدموا الموروث في المنطقة هما الأستاذ سلطان العميمي , والدكتور غسان الحسن , كما أن التدريس في الأكاديمية أتاح لي اكتساب معارف ثقافية وأدبية كثيرة , وخير مثال على هذا القول الكتاب الذي ألفته عن الصورة الشعرية في القصيدة النبطية والذي سيخرج بعد أيام كما علمت , إن شاء الله تعالى , وهو أول كتاب شامل وعام تناول هذا الجانب في الشعر الشعبي في المنطقة .
13- الى مايحتاج الادباء والنقاد من ادوات لكي يمارسوا هذه المهنة؟
يحتاجون التسلبح بالعلم والثقافة , وأن لا يضيعوا أوقاتهم بمهزلة البحث عن الكتب النافعة التي يضلل بها الكبار الصغار , بل أن يحاولوا الانتفاع مما يقرأون , شريطة تركيزهم على أمهات الكتب في الأدب والشعر والنقد , وأن يحرصوا على حفظ ما يمكن حفظه من شعر ومقولات , وأن يمعنوا النظر باستيعاب الأفكار المطروحة من قبل النقاد والأدباء والمفكرين .
أذكر أنني كنت أنصح أحدهم بضروره حفظ الشعر , وذلك قبل عشر سنوات , لكنه كان يرد علي بأنه يريد فهم الشعر واستيعاب الأفكار , فمضت السنوات تتوالى وهو لا زال في مكانه يراوح في محاولاته للفهم والاستيعاب , رغم أن الفهم والاستيعاب مهمان لكن الحفظ في الأدب مقدم على ما سواه .
14- هل المرأة قادرة على التحرك في مساحات الأدب والنقد والشعر،أم لازالت تعاني؟
من يتابع كتاباتي السابقة سيكتشف بأنني ضد فكرة التمييز في مسألة الإبداع , نعم , الرجل هو صانع التاريخ , لكن الإبداع والإنتاج يفتح مخزونه لكل مجتهد ومثابر سواء كان رجلا أو امرأة .
15- في ظل هذا الزخم المحيط بنا، أين ترى الإعلام والإعلامي السعودي؟
السوشيل ميديا قلبت الطاولة وسحبت البساط من الإعلام التقليدي , وخير مثال انتخابات الرئاسة الأمريكية , فالإعلام التقليدي كان بكل طاقاته وراء هيلاري كلينتون , لكن الرئيس ترامب هزم الجميع من خلال تويتر .
الإعلام السعودي يعاني وسيعاني , لأنه للأسف الشديد حريص تمام الحرص على إبراز الغث على حساب السمين , وكل من ينتقد المملكة يحاول الالتقاء به بحجة ساذجة غبية , وهي استلطافه وللتقليل من شره , وكل من سيفكر بمثل هذه العقلية سيتدحرج إلى ما لا نهاية .
16 – قصيدة تهديها لجمهورك وقراء صحيفة أصداء وطني.
قصيدة بعنوان ” سلمان ” قيلت في خادم الحرمين الشريفين بعد فترة وجيزة من قيام عاصفة الحزم