فاجأت منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) العالم بإحصائية، أكدت فيها أن قيمة الطعام المهدر وبقايا الوجبات التي تلقى في القمامة، تكفي لإطعام قرابة مليار إنسان حول العالم، وقال مسؤول إقليمي في منظمة الأغذية والزارعة التابعة للأمم المتحدة: إن معدل إهدار الغذاء في العالم يبلغ سنوياً مليوناً و300 ألف طن، مشيراً إلى أن تلك الكميات الضائعة تعادل كمية إنتاج بلد من البلدان القابعة تحت خط الفقر، وتكفي لإطعام 842 مليون جائع.
وهناك من المشروعات الخيرية أقيمت في بعض الدول الإسلامية، في محاولة للاستفادة من بقايا الطعام، وتقديمه على شكل وجبات مغلفة للفقراء والمساكين، منها: مشروع “حفظ النعمة” في السعودية، ومشروع بنك الطعام المصري، وقد لاقت هذه الأفكار استحسان وإقبال عدد كبير من الناس.
سمعت بجمعية “إطعام” الخيرية للمرة الأولى ضمن مشاركتي في مهرجان الخبر السياحي، الأسبوع الماضي، حيث قامت بتوزيع الكتيبات التعريفية عن أنشطة الجمعية، لغرس القيم الاجتماعية النبيلة والمتوارثة من الآباء والأجداد في إطعام الطعام للمستفيدين، ونشر ثقافة حفظ النعمة، والتعريف بالنشاط الاجتماعي للجمعية، ونشر ثقافة حفظ النعمة من خلال إيصال رسالة اجتماعية، على أمل أن يكون لهذه الثقافة تأثيرها في الوعي الاجتماعي، وتستطيع قارئي العزيز الحصول على معلومات أكبر من حلال موقع الجمعية http://saudifoodbank.info/.
ومن خلال عمل جمعية ( إطعام) تبين أن المنطقة الشرقية تستهلك أكثر من أربعة ملايين وجبة غذائية يوميا، 30 في المائة منها وجبات مهدرة فائضة عن حاجة أهاليها تقدر قيمتها بنحو 40 مليون ريال، منها 1.2 مليون ريال لوجبات مهدرة ذهبت إلى حاويات القمامة.
وقال حمد الضويلع المدير التنفيذي لجمعية “إطعام” في الشرقية: إن الجمعية استطاعت خلال أقل من عام يمثل عمرها، توفير 600 وجبة يومياً عن طريق 25 فندقا وسبع قاعات أفراح من أصل أربعة ملايين وجبة مهدرة، وذلك من خلال فريق الجمعية الذي يضم 60 شابا وفتاة.
وأعتقد أن ثقافة حفظ النعمة تتطلب تعاونا وتنسيقا من كافة الجهات التي تتعامل مع الطعام، البيوت، والمطابخ، والمطاعم، وأصحاب محلات الخضرة والفواكه، وأصحاب الفنادق، وصالات الأفراح والشقق المفروشة، ليسوا بمنأى عن مسؤولية ما يرمى من الأطعمة في صناديق القمامة.
إن ظاهرة رمي الأطعمة مع القمامة مظهر سافر للإسراف، يتطلب علاجا جادا، وهناك بعض الأفكار التي تساعد في الحد من هذه الظاهرة:
1ـ الاعتدال في المأكل والمشرب، وضبط كمية الطعام مع الحاجة وليس مع الرغبة، قال النبى – صلى الله عليه وسلم -: «كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة»، رواه البخارى.
ولنعمل بميزان النبوة: “ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه”. عند جلب الطعام من المطاعم يجب علينا شراء كميات صغيرة ومناسبة لأفراد العائلة، وعدم شراء ما يزيد عن حاجتهم عند طبخ الطعام في المنزل، يجب مراعاة عدد أفراد الأسرة، إن كان العدد قليلا أم كبيرا ومحاولة طبخ واستخدام مكونات بكميات صغيرة، فبهذه الخطوة سنضمن عدم بقاء كميات طعام فائض وتوفير المصاريف اليومية.
ومن العادات المحمودة أن يأخذ كل واحد من الآكلين مقدارا من الطعام في صحنه بقدر حاجته، فإذا ما انتهى منه وأراد المزيد فيأخذ مقدارا آخر وهكذا، فلا يتبقى في صحنه بقايا من طعام تعافه نفس الآخر من تناوله، كما أن رغيف الخبز يمكن تقطيعه مسبقا قبل وضعه على مائدة الطعام إلى أجزاء حسب حجمه.
2ـ تجنب إطالة تخزين بقايا الطعام في الثلاجات ثم رميها مع النفايات، وهناك أفكار مبتكرة للإفادة من هذه البقايا من المنتديات وغيرها.
3- تقديم بقايا الطعام بعد تغليفه بشكل مناسب إلى العمال أو البيوت الفقيرة، ذوي الدخل المحدود، أما الكميات الكبيرة فتسلم للجمعيات الخيرية التي تهتم بهذا الجانب وعلى رأسها جمعية (إطعام).
إن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يعلمنا قيمة اللقمة من الطعام بقوله: (إذا أكل أحدكم طعاما، فسقطت لقمته، فليمط ما رابه منها، ثم ليطعمها، ولا يدعها للشيطان)، فما بالك برمي بقايا الطعام عمدا، أليس هذا تضييعا للنعمة وازدراءً بها وتخلقاً بأخلاق المترفين؟