• 08:25:47pm

أحدث الموضوعات

عقول أطفالنا.. ثروة المستقبل

تعليقات : 0

أصداء الخليج

د. عادل رشاد غنيم

وأنا بصدد مواصلة الكتابة عن أطفالنا وضرورة التفكر في مستقبلهم وقعت عيني على خبر سار، وهو انطلاق فعاليات برنامج قيادة تعلم مهارات القرن 21 بالمعهد القومي للتعليم (N I E) بسنغافورة، للمجموعة الخامسة، التي يشارك فيها عددُ من مديري المدارس المرشحين في إدارات التربية والتعليم بالمملكة، وذلك ضمن برنامج مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام «تطوير»، عبر شركة تطوير للخدمات التعليمية.
ومبعث سروري أن تجربة سنغافورة نجحت في غضون عقود قليلة في تحقيق إنجازات هائلة، جعلت منها دولة متقدمة من خلال تطوير نظام تعليمي يعتبر أحدَ أرقى أنظمة التعليم في العالم بلا نزاع، فهو يعنى بتنمية مهارات التفكير وحل المشكلات، ومكنها نظامها التعليمي من تكوين كفاءات وخبرات

ساهمت في بناء اقتصاد منافس.
ويعود اهتمام سنغافورة بهذا النوع من التعليم إلى عام 1997، وهو العام الذي عقد فيه المؤتمر الدولي السابع للتفكير في سنغافورة، وحضره 2400 ممثل لحوالي 42 دولة من مختلف بقاع العالم.
لقد فهمت سنغافورة أنها لا تملك أية موارد طبيعية تساعدها على تحقيق نموّ اقتصادي؛ فهي دولة في مدينة واحدة، مع جزر صغيرة جدا من جوانبها. فاختارت سنغافورة أن تركز على الثروة الحقيقية التي تملكها، والتي اعتمدت عليها في تحقيق معجزتها الاقتصادية: الإنسان.

إن التربية بمعناها التقليدي والمتمحور حول ثقافة التلقين والحفظ لم تعد كافية الآن في مواجهة الاحتياجات المتجددة والمتزايدة لمجتمع اليوم المتسارع، فالمعلومات لم تعد تمثل أهمية في عصرنا الحاضر إلاّ بقدر إعمال الفكر فيها واستخلاص الجديد والمفيد منها، وتحويلها إلى إنجازات ملموسة.
التفكير هو جوهر التعلم حيث يمنح صاحبه القدرة على ممارسته وتطبيقه، ونأمل من تعليمنا ألا يتوقف في أهدافه ومراميه عند توسيع مدارك المتعلم وزيادة معلوماته، وإنما ينبغي أن تطور هذه الأهداف لتشمل تنشيط عقل المتعلم واستثارة ذهنه وتحفيز تفكيره.
إن توظيف التفكير في التعلم يحول عملية اكتساب المعرفة من عملية خاملة إلى نشاط عقلي تأملي يفضي إلى اتقان أعمق للمحتوى المعرفي، وإلى ربط أفضل لعناصره ومحتوياته وقدرة على ممارسته وتطبيقه، وبالتفكير المتأمل يعايش الإنسان ظروف عصره ويستوعب متغيراته والتعامل بفاعلية واقتدار مع قضاياه ومشكلاته.
إسلامنا يدعونا بشكل صريح إلى التفكير في الدنيا والآخرة، وعندما يخاطب القرآن الكريم الإنسان المسلم فإنه يركز على عقله ووعيه وتفكيره، ولأهمية التفكير للإنسان المسلم وردت كلمة تفكير أو مرادفاتها (يتفكرون – يبصرون – يعقلون – يتذكرون.. إلخ) مرات عدة في كتاب الله تعالى، الذي يعتبر التفكير عظة كافية لتبصر الحقيقة:(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) سورة سبأ :46
وكان النبي حريصا على تنشيط أذهان أصحابه من خلال أسئلة مثيرة للتفكير، ومن الأمثلة على ذلك ما رواه البخاري في (بَاب طَرْحِ الْإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْعِلْمِ) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ حَدِّثُونِي مَا هِيَ؟  قَالَ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هِيَ النَّخْلَةُ، قالَ عَبْدُ اللَّهِ فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي فَقَالَ لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا). ونرى هنا كيف تمني عمر رضي الله عنه أن يكون ولده قد أجاب على سؤال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون أن يستحي من وجود كبار السن من حوله.
هناك استراتيجيات وخبرات ومراكز متخصصة لتعليم مهارات التفكير الناقد والإبداعي، ونحتاج إلى تأهيل تربوي جاد لمعلمينا مع تحفيزهم ماديا، والشروع في تطبيق  تلك المهارات خلال العملية التعليمية، فمشاهدة التجارب الناجحة لا جدوى منها إلا بالانتفاع الفعلي مما يناسبنا منها وتطويره.
لكن أين أطفالنا من هذا كله؟ إنهم أمام شاشات التلفاز أو الحاسوب أو الجوال التلفاز التي احتلت الحياة الأسرية والاجتماعية، فبوجودها لا مجال للأحاديث العائلية ولا للحوار ولا لبحث مشاكل الأولاد التي لا تُحل إلا بتواصلهم مع أبويهم.
وقد حذرت أحدث دراسة بريطانية من المخاطر التي يواجهها الصغار من خلال الجلوس فترات طويلة أمام الإنترنت، مؤكدة أن الصحة العقلية للأطفال مهددة بمناخ مسمم لم يسبق له مثيل.
فهل سنمنح ثروة العقول في أطفالنا المزيد من الاهتمام، ونصنع بهم ومعهم مستقبلا واعدا لأمتنا وتقدما زاهرا لمجتمعنا؟.

adilrg@hotmail.com

أضف تعليقك

برجاء الكتابة باللغة العربية فقط comments are disable

د.سعود بن صالح المصيبيح

يوسف الذكرالله

يوسف أحمد الحسن

يوسف أحمد الحسن

بقلم | محمد بن عبدالله آل شملان

لواء . محمد مرعي العمري

بقلم | هدى حسن القحطاني

يوسف أحمد الحسن

يوسف أحمد الحسن

التغريدات