قبل أيام قليلة التقيت بالدكتور عبداللطيف العوفي – المشرف العام على العلاقات العامة والإعلام بوزارة التربية والتعليم – وهو بحق شخصية جميلة ومكسب للوزارة إذا استثمرت إمكانياته بالتواصل الإيجابي مع مؤسسات الإعلام المختلفة، ومما يرفع من الفأل عندي أنه رجل يؤمن بلغة الأرقام ويحترم المعلومة الموثقة، وكان هذا ظاهراً في المعلومات التي زودني بها بعد إقامتهم للمؤتمر الصحفي الأول بحضور وكيل وزارة التربية والتعليم المهندس محمد الشثري، وأتمنى أن ندخل في عصر جديد للوزارة تكون الشفافية والوضوح هي المقدس الأول في لغة الحديث مع الإعلام.
الرقم الأهم الذي لفت نظري أن ٨٦،٥ ٪ من ميزانية التعليم في المملكة هي “رواتب”، مما يعني أن المتبقي للمشاريع والمصاريف الأخرى لا يتجاوز ١٧ مليار ريال من الميزانية الضخمة التي خصصت للتعليم هذا العام، بقيمة تجاوزت مبلغ ١٢١ مليار.
تعيين الأمير خالد الفيصل على رأس الهرم التعليمي أعطى أملاً كبيراً عند كثيرين بنقلة نوعية للمشروع الأهم في السعودية، وألّا يقف الطموح على تطوير محدود لما هو قائم، وتغيير بعض السلبيات هنا وهناك لن يغير كثيراً من المنتج النهائي الذي يركض اثني عشر عاماً في مضمار التعليم العام.
الأرقام التعليمية تحدثت أن المباني المستأجرة انخفضت إلى نسبة عشرين بالمائة، وهذا تطور جيد في النسبة خاصة إذا علمنا أن نسبة المباني المستأجرة كانت تصل إلى واحد وأربعين بالمائة في ٢٠٠٩، ولكن الأهم من ذلك هو إيجاد البيئة التعليمية الجيدة، لأن المبنى الجميل وحده لا يصنع بيئة تعليمية، والمخرجات التعليمية في بلد كالهند مع تواضع إمكانياتهم تجعلنا نعيد التفكير كثيراً بمنهجية التعليم وفلسفته.
الأعداد الكبيرة التي تعمل في التعليم وفق آليات تراكمت مع الزمن حولت المنظومة التعليمية إلى شكل من أشكال “التكلس” تُصَعب مهمة التغيير من الداخل، والتنفس برئة جديدة من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في المشروع التعليمي سيشعل شمعة الأمل في الطموح المستقبلي، شريطة أن يأتي هذا القطاع بعقلية غير بيروقراطية تستلهم قصص النجاح من خارج الحدود.
المتأمل لمخرجات الفترات السابقة سيجد أن تعليمنا ينتج نسخاً متشابهة لأفراد متعلمين محدودي الإمكانيات، وهذا يعد إنجازاً عظيماً قبل ثلث قرن، ولكنه لا يليق بنا الآن في عالم يتسيد فيه اقتصاد المعرفة.
أحلم بمستقبل يستخرج فيه النفط من مدارسنا.