الرياض – أصداء وطني :
وجّه سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، نصيحة أبوية حانية للشباب مُطَالِباً بألا ينساقوا وراء دعاوى الجهاد ونصرة الإسلام تحت رايات مجهولة ومبادئ منحرفة؛ كما أشاد سماحته بما أعلنته وزارة العدل مؤخراً حول إلغاء صكوك مزوّرة لأراض تزيد قيمتها عن ٤٠٠ مليار ريال، وقال: “جزى الله الوزارة خيراً في تعقّبها لهذه الصكوك المزيفة المزورة، وعليها أن تكشف ذلك، وأن توضّح أسماء الذين زوّروا إذا ما ارتدعوا وخافوا؛ فلتبين الوزارة أسماءهم ليكون ذلك رادعاً لهم ولأمثالهم”.
جاء ذلك في حديث لسماحة المفتي مع الشيخ يزيد الهريش، أمس، في لقائه الأسبوعي المباشر الذي تبثّه إذاعة نداء الإسلام من مكة المكرمة مساء كل أربعاء.
حيث قال سماحته معلقاً على بيان وزارة الداخلية المتضمن القبض على ثمانية من المواطنين الذين ثَبَتَ تغريرهم بحدثاء الأسنان، للانضمام للمجموعات المتطرفة في الخارج:
“في الحديث في حقوق المسلم على المسلم “وإذا استنصحك فانصح له”، إذا استنصحك أخوك فانصح له إذا طلب منك النصيحة والتوجيه فانصح له، وامحضه الخير، وإياك أن تبعد الخير عنه، امحضه النصيحة القيمة، تبرأْ بها ذمتك وتقيم عليه الحجة، يقول صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة) قالوا: لمن يا رسول الله قال: (لله ولكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)؛ فالنصيحة لعامة المسلمين توجيههم للخير وحثم عليه، وإبعادهم عن مجالات الفتن والانحراف والضلال”.
واستطرد سماحته: إخواني وأبنائي: “إن ما يحصل من هذه الفتن مصيبة عظيمة التي عرض شبابنا أن يكونوا وقوداً لها، هذه تصدر من أناس -هدانا الله وإياهم- إما جاهلون بحقيقة هذه الفتن، أو أناس مغرضون في قلوبهم شيء على الإسلام وأهله؛ هذا أمر خطير أن يزج بهؤلاء الشباب الصغار الأغرار في متاهات لا يعرفونها، إلى أرض لا يعرفونها، ورايات يجهلونها، ومبادئ لا يطلعون عليها؛ فيكونون ضحية فقط يُأسرون ويُباعون ويُساوم بهم.. يا إخواني هذا أمر خطير، اتقوا الله في أنفسكم، ولا تشيروا على الشباب إلا بما فيه خير لهم في دينهم ودنياهم.
كم أم بكت عيناها، وكم أب حزين، وكم بيت حزين، ذهب أولادهم منهم من غير سبب شرعي؛ بسبب هذا التغرير والخداع الذي يمليه هؤلاء؛ بدعوى الجهاد، بدعوى نصر دولة الإسلام، بدعوى بدعوى إلى آخره؛ فأُخِذوا وغُرّر بهم، قُتِل من قُتِل منهم، وأُسِر مَن أُسِر منهم، وأصبح أهلهم في حسرة وندامة من هذا البلاء العظيم؛ فلنتقِ الله في أنفسنا، ولننصح لشبابنا بما فيه خير لهم؛ إذا كنا لا نرضى هذا لأبنائنا وفلذات أكبادنا؛ فكيف نرضاه لأبناء الآخرين؟! وكيف نحمل أبناء غيرنا على هذا الخطر العظيم؟! ما دمت لا ترضاه لنفسك ولا لأولادك فلماذا ترضاه لهولاء الإخوة؟! لماذا ترضى لهم هذا الجرم الكبير؟! تخرجهم من بلادهم وتعرضهم للقتل؛ بل تُعَرّضهم لمن يشككهم في أصول دينهم بمبادئ فكرية ضالة وانحرافات زائدة وأفعال شنيعة”.
وأضاف: “فلنتقِ الله في أنفسنا، ولنعلم أن مَن تَسَبّب في خروج أحد من أبنائنا من بلاده؛ فإنه عاصٍ لله، مُرتكب للذنوب، معرّض هذا الابن للخطر، وهذا الأمر غش وخيانة، والنبي يقول: (فمن غشنا فليس منا)؛ فالذي يدعوهم للخروج عن بلادهم غاشّ لهم غير ناصح لهم، كاذب غير صادق، غاش غير مخلص؛ إنما هي -والعياذ بالله- أمور وشبهات تعلقت بقلبه؛ فيرى الباطل حقاً، ويرى الحق باطلاً، نسأل الله السلامة والعافية؛ ولا شك أن وزارة الداخلية في تحفّظها على مَن هذه أفعاله، أن هذا أمر مطلوب حتى تردع هؤلاء أن يغرروا بمزيد من أبنائنا، ويسلَم المسلمون من شرهم وأذاهم”.
وفي تعليق لسماحة المفتي حول إلغاء وزارة العدل لعدد من الصكوك المزورة بقيمة تُقَدّر بـ٤٠٠ مليارات ريال، أوضح سماحته أن “الكذب حرام؛ لا سيما في وثائق المبايعات؛ فإنه حرام أن يكذب في ذلك؛ فالمرء يتقي الله ويصدق؛ فالله يقول: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل} فكُتّاب العدل عليهم مسؤولية أمام الله بأن يتقوا الله فيما يكتبون ويسجلون، وأن يراقبوا الله في ذلك، وألا تخدعهم الرشاوى والمغريات فيظهروا صكوكاً غير شرعية؛ بل الواجب التأكد؛ لأن الله يقول: {وليكتب بينكم كاتب بالعدل}؛ فلا بد أن يكون الكاتب عدلاً في كتابته، لا يكتب زوراً ولا وإثماً؛ وإنما يكتب حقاً وصدقاً واضحاً؛ أما كون هذه المبالغ راجت وأخذت أراضٍ بغير حق وتعدٍّ على المال العام؛ فإن هذا خطر عظيم يجب على الكل أن يتبرأ منه ويتخلص منه ويتقي الله، ولا يحق لك أن تأخذ أرضاً إلا بقيمتها أو هبة شرعية، أما التسلط على الأراضي ومحاولة ترويج الصكوك المكذوبة وإعدادها؛ فهذا أمر خطير، ومن شهادة الزور، والنبي يقول: (ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور)؛ فما زال يكررها حتى قال الصحابة: ليته سكت.. فحرام على المسلم أن يُقِرّ هذا العدوان، وجزى الله الوزارة خيراً في تعقبها لهذه الصكوك المزيفة المزورة، وعليها أن تكشف ذلك، وأن توضح أسماء الذين زوّروا إذا ما ارتدعوا وخافوا؛ فلتبين الوزارة أسماءهم ليكون ذلك رادعاً لهم ولأمثالهم”.