الدمام – أصداء وطني :
طالب عضو لجنة الشئون الثقافية والإعلامية بمجلس الشورى محمد رضا نصرالله، بنقل مجمع الصناعات بكامله من مدينة الجبيل إلى رأس الخير، وربطهما بشبكة من السكك الحديدية، تنقل العاملين والموظفين من مدينة الجبيل إليها، بمعنى أن تظل مدينة الجبيل -وقد تم التوسع والاستثمار في إقامة الأحياء السكنية والبنية التحتية فيها-، منطقة سكن للعاملين والموظفين في هذه الصناعات.. ورأس الخير تصبح هي المدينة الصناعية لتلبي متطلبات خططنا الصناعية، وذلك لتخفيف آثار الانبعاثات الغازية الصناعية على صحة البيئة والإنسان.
وأضاف في مداخلته على تقرير لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة بشأن التقرير السنوي للهيئة الملكية للجبيل وينبع للعام المالي 1434/1435هـ: «أتذكر ذلك اليوم من منتصف السبعينيات الميلادية، حين دعانا وزير التخطيط الأسبق هشام ناظر -نحن بعض الصحفيين- لزيارة مدينة الجبيل الواعدة.. أوقفنا على تلال من الرمال المنسابة المطلة على مياه الخليج العربي الصافية.. وأشار بيده إلى تلك التلال بتوجه الدولة بإنشاء مدينة صناعية بأحيائها السكنية ومدارسها ومنظومة خدماتها.
كنت أظن ذلك يبدو حلما.. إلا أنني بعد سنين قليلة جداً، حضرت حفل تدشين هذه المدينة الصناعية.. وبين الحين والآخر أذهب لزيارتها، خاصة وقد أصبحت تتوسع توسعاً هائلاً، بهدف تنويع القاعدة الاقتصادية والاستفادة من الغاز الطبيعي ووقود الصناعات البتروكيماوية؛ لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني من الزيت الخام والغاز الطبيعي المصاحبة لإقامة صناعات جديدة ومتنوعة.
لهذا جرى ما جرى في المدينتين الصناعيتين الجبيل وينبع والمدينة الثالثة الواعدة في رأس الخير.. إلا أن للصناعة دائماً تحدياتها، وفي مقدمتها التحدي البيئي الذي أصبح شاغل مؤسسات المجتمع المدني في المجتمعات الصناعية في العالم. وفي مقدمتهم أحزاب الخضر التي تحدد السياسات في الدول الصناعية متمحورة حول المحافظة على البيئة والانسان.. فهناك يضعون مسافات بعيدة ما بين المجمعات الصناعية والتجمعات البشرية.
ما أزعجني حقاً هو ما شاهدته في زيارتي الأخيرة لمدينة الجبيل من انبعاثات غازية هائلة صادرة من الصناعات المتنامية المتمركزة فيها.. حداً جعلني أرى أن التقارير التي قرأتها عن تسربها في مدينة الجبيل خاصةً قد لا يغطيها في واقع الأمر، فما رأيته كان مهولاً.. ومهولاً جداً.. طبقات من الدخان الصناعي كثيفة ومتعددة الأشكال والأحجام.. والعجيب أن هذه الصورة لا تتضح إلا في الليل، وتكاد لا تبين ساعات النهار.. إننا اليوم أمام مشكلة حقيقية آمل من مجلسكم الموقر بلجانه المتخصصة الوقوف عندها ملياً والبحث عن حلول لها.
ففي حين تشهد المدينتان الصناعيتان توسعات هائلة لتحقيق تطلعات الهيئة الملكية؛ للإسهام مع المؤسسات الحكومية في تأسيس منظومة متكاملة تحقق طموح المملكة في التنمية الاقتصادية لتطوير صناعاتها البتروكيماوية القائمة على النفط والغاز؛ لتحقق متطلبات السوق المحلي والعالمي، حيث توجد في الجبيل 294 وفي ينبع 107 وفي رأس الخير صناعتان. في حين تصدر من صناعات هذه المدن وخاصة مدينة الجبيل انبعاثات غازية مدمرة لصحة البيئة والانسان، هو ما جعل الهيئة تحاول الاهتمام بمعالجة هذا التحدي البيئي. إلا أنني أخشى أن هذه المحاولات لن تجدي نفعاً خاصةً وأن هذه الصناعات المتوسطة أصبحت تتوسط مجمعات سكانية في الجبيل والقطيف ورأس تنورة ورحيمة والدمام والخبر والظهران. صحيح أن الهيئة تحاول وضع إجراءات صارمة لإدارة النفايات الصناعية الخطرة وغير الخطرة التي تنتجها هذه الصناعات، وكذلك إنشاء محطات مراقبة جودة الهواء والأرصدة الجوية ومراقبة جودة المياه بمختلف استخداماتها، إلا أن صحة المجتمع والبيئة هناك أمام تحد مخيف، يتمثل في انتشار أمراض السرطانات بأنواعها وأمراض الجهاز التنفسي بأنواعها من ضيق وحساسية.