ما إن ينتصف الشهر حتى ينفذ مصروفك الشهري كاملاً هنا تحتاج لتغيير روتينك اليومي فبدلاً من الوقوف في صف القهوة ستكتفي بقهوة تحضرها ف المنزل وستحمل معك أطعمة مغلفة لوجبة الغداء بدلاً من دفع ‘القطّة” مع زملاءك في الدوام أو ستكذب عليهم وعلى نفسك بأنك لا تشتهي الغداء اليوم.
ويحدث أن تقتصد في كل شيء وفي هذا التضييق المفرط على نفسك قد تحرم نفسك من أشياء ضرورية كوجبة الغداء في الدوام.
اذا رأيت جزءاً من سلوكك في هذه الأسطر فاعلم أنك بحاجة إلى اكتساب مهارة الإدخار.
حوارنا اليوم مع د. ناصر الحمدان
- حاصل على درجة الدكتوراه في التمويل وعلى شهادة إدارة المشاريع الإحترافية (PMP)
– مرشح للحصول على زمالة المعهد الأمريكي للتحليل المالي (CFA)
– له من الخبرة العملية ما يزيد على العشرين عاما في مجال العمل المصرفي والتدريس الجامعي والاستشارات والتدريب.
– يعمل حالياً ضمن هيئة التدريب في معهد خبراء المال،عمل كمستشار تدريب ومدرب في بنك التسليف والادخار السعودي وعضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود.
تحدثنا معه حول ثقافة الإدخار التي من المفترض أن تكون جزء من نظام حياتك لا أن تتدخر مجبوراً ، أترككم الآن مع الحوار :
ماهو الادخار ؟ نريدك أن تحدثنا عن ثقافة الادخار؟
الادخار يمثل الأداة (الجسر)الذي يمكن باستخدامه تحقيق الأهداف المالية.
و من خلاله يمكن تجميع أموال تستخدم في الاستثمار،مدخرات الأفراد والاسر تتجمع لدى البنوك وبالتالي تقوم البنوك بإعادة إقراضها لتمويل المشاريع الاستثمارية وبالتالي تكوين ما يسمى ب (التراكم الاستثماري) وهو عند الاقتصاديين الشرط الاساسي لتحسين اقتصاد الدولة من خلال زيادة الاستثمارات وزيادة الناتج المحلي الاجمالي للدولة وهذه الأهمية استشعرتها الرؤية في محور وطن طموح بحيث يكون الفرد فاعلا في المجتمع ويساهم من خلال إدارته المالية الرشيدة لدخله في تحسين اقتصاد الوطن.
“”كل منا مسؤول عن بناء مستقبله،حيث يبني كل منا ذاته وقدراته ليكون مستقلاً وفاعلاً في مجتمعه،ويخطط لمستقبله المالي والعملي”،محور وطن طموح #رؤية_2030 .
“فن الادخار” كثيراً ما يلتصق الادخار بالفن ، هل الادخار يحتاج مهارة بالفعل؟
نعم،الادخار مهارة،أكاد أجزم أن معظم الأفراد لديهم أهداف مالية يودون تحقيقها ويرغبون في ذلك بشدة ولكنهم يفتقدون المهارة اللازمة للادخار ولا يستطيعون بناء عادات انفاق تمكنهم من ادخار جزء من دخلهم لتحقيق هذه الأهداف.
الثقافة المالية من السهل جدا تعلمها ولكن من الصعب جدا تطبيقها. لأن اتقان هذا الفن يحتاج الى تغيير بعض المعتقدات فيما يتعلق بالمال وبالتالي تغيير السلوكيات وهذا يحتاج الى تدريب وممارسة حتى يصبح عادة.
تماما مثل ممارسة اي لعبة رياضية،ان تصبح محترفا في رياضة ما تحتاج الى تنمية مهاراتك وممارسة التدريب بشكل منتظم ،كذلك الادخار،يحتاج الى تنمية المهارات فيما يتعلق بالانفاق والممارسة المستمرة لهذه المهارات.
الاستهلاك عدو الادخار رأيك في هذة العبارة؟
الاستهلاك العقلاني يساعد على الادخار بعكس الاستهلاك المفرط الذي لا يتناسب مع دخل الفرد.تصور ان شخصا معينا لديه دخل شهري 10000 ريال شهريا وفي نفس الوقت ينفق مبلغا يزيد عن ذلك في كل شهر فكيف له ان يدخر.
توفير جزء من الدخل يحتاج أولا الى ضبط النفقات والعيش ضمن الامكانيات.وضبط النفقات يستلزم تسجيل النفقات اليومية حتى يتمكن الفرد من معرفة اوجه الصرف التي ينفق عليها دخله.اذا قام اي شخص بتسجيل مصروفاته اليومية لمدة شهر كامل وفي نهاية الشهر قام بمراجعة هذا الكشف سيتفاجأ بأن هناك الكثير من الأشياء التي قام بشرائها يمكن الاستغناء عنها،لذا من الضروري لكل فرد التفريق بين حاجاته ورغباته.
يصنف البعض الإدخار بخلاً أو حرمان لنفسه مما يريد لذا فهو لا يدخر ، ردك على هذا التصنيف؟ .
اعتقد جازما أن الادخار مبدأ اسلامي أصيل،الادخار لا يعني حرمان الشخص نفسه من كل شيء وانما الاعتدال والتوسط في الانفاق، و العيش ضمن امكانيات الفرد والانفاق على ما هو ضروري. في دورانتا للتخطيط المالي الشخصي نحث ونركز على ضرورة توفير جزء بسيط من الدخل (10- 20%) فقط من الدخل مع ضرورة الالتزام بذلك شهريا.ليس المطلوب من الشخص ان يحرم نفسه من كل شيء لوضع خطة مالية وانما الموازنة بين ما يحتاجه اليوم وحاجاته المستقبلية.
وهنا اشير الى الآية الكريمة التي حثت على الاعتدال في الانفاق ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ َبيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾
الفرقان 67 وغيرها الكثير من الاشارات التي وردت في القران والسنة.
هل يجب أن يحدد المدخر هدفه من الإدخار ، أم يدخر أولاً ثم يفكر في الهدف؟
الأهداف موجودة عند كل الأشخاص،بعض الأشخاص لديهم أهداف واضحة ومحددة والبعض الآخر لم يصلوا الى هذه المرحلة من النضج في وضع الأهداف.
لذا أنصح الجميع بالبدء في الادخار الآن ،لأن التأجيل في التخطيط المالي مرض خطير.
ابدأ الآن ببناء مدخراتك بحيث تساعدك على تحقيق أهدافك سواء كانت هذه الأهداف محددة ام لا،لانه في اللحظة التي تحدد فيها أهدافك ستتمنى لو كان عندك مدخرات وتتمنى لو يعود الزمن الى الوراء لتوفير جزء مما اكتسبته وانفقته دون تدبير.
ليس لدي مصدر دخل ثابت هل يعني ذلك أن لا أدخر؟
سواء كنت تعمل بأجر ثابت منتظم أو متغير أو كنت ممارسا للعمل الحر يجب عليك الادخار،فقط اعقد العزم على توفير 10% مثلا من كل مبلغ تحصل عليه، توفير جزء من الدخل سواء كان هذا الدخل ثابتا ام متغيرا هو الأساس في بناء مدخرات.
نشكر د. ناصر الحمدان على الحوار الرائع ، كما أرجو أن تكون الآن متحمس لإدخار ١٠% من دخلك الشهري .