من خلال منصب جديد، يسعى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، للإبقاء على رفيقه، رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم، في المشهد السياسي للبلاد، مما أثار حالة من الجدل في أوساط المعارضة التي اعتبرته انتهاكا للدستور.
ورشح أردوغان رئيس البرلمان الحالي لتولي منصب عمدة إسطنبول العام المقبل، كمرشح عن حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ويعد يلدريم آخر رئيس وزراء في تاريخ تركيا الحديث، مع الانتقال إلى النظام الرئاسي، الذي باتت فيه الصلاحيات التنفيذية بالكامل بيد رئيس الجمهورية، وألغت صلاحيات منصب رئيس الوزراء.
اعتراض على ترشيح يلدريم
وذكرت صحيفة “أحوال” التركية أن أحزاب المعارضة أعربت عن اعتراضها على إعلان ترشيح يلدريم كمرشح للحزب الحاكم لبلدية إسطنبول.
وأوضحت الصحيفة أن المعارضة استشهدت بالمادة 94 من الدستور التركي التي تنص على أن “رئيس ونائب رئيس الجمعية الوطنية التركية الكبرى (البرلمان) لا يجوز لهم المشاركة في أنشطة الحزب السياسية أو المجموعة الحزبية التي ينتمون إليها”.
من جانبه، رد أردوغان على الاعتراضات على ترشيح يلدريم، قائلا إنه “لا توجد حاجة لأن يتنحى رئيس الوزراء السابق عن دوره الحالي في البرلمان”، في إشارة إلى عدم اكتراثه بهجوم المعارضة.
وفي السياق، أكد زعيم المجموعة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزل، أن “ترشيح يلدريم هو انتهاك للدستور التركي”.
وأضاف على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “بما أنك مرشح كعمدة. يجب أن تترك مقعدك كرئيس للبرلمان. كل توقيع تقدمه سيكون غير قانوني وكل أموال تحصل عليها ستكون جريمة اختلاس”.
لماذا يلدريم؟
ووفقا لوسائل إعلام تركية، يخشى الحزب الحاكم من إمكانية خسارة بلدية إسطنبول في الانتخابات المقبلة، التي توصف بالأصعب على الحزب، الذي يعاني من الآثار المترتبة على الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تمر بها البلاد في الأشهر الأخيرة.
ومن أجل ذلك، قام أردوغان باختيار يلدريم، كونه المرشح الأفضل لخوض معركة انتخابات بلدية إسطنبول التي تجرى في 31 مارس 2019، قائلا: “رشحنا الشخص الأكثر تميزا وخبرة وصاحب القدرات التنفيذية. إسطنبول تستحقه”.
ويعرف عن يلدريم أنه من قدامى رفقاء أردوغان، ويصاحبه منذ وصول الرئيس الحالي للبلاد إلى بلدية إسطنبول في عام 1994، لذا كان الاختيار لكونه الشخص الأكثر وفاء للرئيس التركي ولطموحاته الرئاسية، وفقا لوسائل إعلام محلية.
ولعب يلدريم، الذي يوصف بـ”الصديق الوفي” للرئيس التركي في أكثر من محطة تاريخية، دور “المنقذ”، حيث ساعد أردوغان في تجاوز تحديات صعبة بخوضه غمار مهام متعددة في سبيل خدمة الحزب الحاكم وزعيمه.
وإسطنبول تعتبر أبرز محافظة في تركيا وإلى جانب أهميتها الحسابية بحيث تضم أكثر من 16 مليون نسمة أي قرابة خمس عدد سكان البلاد، وتحمل أهمية معنوية وتاريخية وسياسية.
وتسود مقولة في السياسة التركية مفادها بأن “من يفوز بإسطنبول يفوز في عموم تركيا، و”من يحكم إسطنبول يحكم تركيا”.