عبد الله المديفر
في أحد الأحياء الراقية توقفت لأداء الصلاة في مسجد الحي الذي كان يبدو متواضعاً في البناء الخارجي مقارنة مع المنازل الفخمة بالجوار، وعند دخولي لدورات المياه -أعزكم الله- رأيت حالة من قلة النظافة لا تليق بالإنسان فضلاً على أنها دورات تخدم المصلين في بيت من بيوت الله، وكانت العبارات المبتذلة هي من تزخرف أجزاء المكان!.
وبعد دخولي لداخل المسجد، الذي كان مليئاً بالملصقات العشوائية التي لا تمت لثقافة الجمال بصلة في طريقة توزيعها وتعليقها، أزعجني مستوى الإضاءة العالي الذي يفوق حاجة المسجد، ويستهلك كميات مضاعفة من الطاقة .
حاولت تجاهل هذه الأشياء والتركيز على الصلاة التي أتينا من أجلها، وفي لحظة السجود كانت رائحة غير جيدة تنبعث من السجاد المتواضع الذي كان مزحوماً بزخرفة تلهي المصلي ولا تنسجم مع باقي مكونات المسجد وألوانه.
أنهيت الركعة الثانية بعجل لأن المؤذن أقام للصلاة المكتوبة وتقدم للإمامة شاب في منتصف العشرينات جميل الصوت، وفي الركعة الثانية بدأ النظام الصوتي يصدر صفارات مزعجة مع القراءة مما اضطر إمامنا لإغلاق الصوت بالضغط على علبة أفياش بجوار قدمه عليها لاصقان (أخضر وأحمر).
في بلدنا يوجد أكبر عدد للمساجد في العالم، وهذه نعمة نشكر الله عليها، ولكن العديد منها لا يليق بنا ولا بها، فواقع هذه المساجد لا يرتقي لعددها، وحب البناء لدى الموسرين منتشر ويدفعهم له حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (من بنى مسجدًا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة)،
ولكن ثقافة الاتقان والجمال والصيانة النوعية لا تحضر عند كل الباذلين، ولذلك فمساجدنا رهينة قدرات وقناعات الباذل المحتسب.
من المشاريع الرائدة والمميزة في هذا المجال جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد والتي يرأس مجلس الأمناء فيها الأمير سلطان بن سلمان ويضم في عضويته عدداً من الشخصيات البارزة والكبيرة، وتهدف الجائزة إلى تحفيز الإبداع في تقديم مسجد أفضل يرتقي بفن العمارة وتطوير الخدمات المرافقة، والمبهج في هذه الجائزة احتواء الأمير سعود بن نايف واحتضانه لهذه الجائزة مما يرفع من سقف الطموحات المنتظرة.
وبعد اجتماعي مع عضو اللجنة التنفيذية الأستاذ العزيز عبدالله الفوزان على هامش حفل الجائزة، أطلعني على مشروع مركز دراسات وبحوث متخصص في عمارة المساجد وتطوير المرافق الخاصة بها وفق أحدث ما توصلت إليه البشرية في هذا المجال.
المسجد مكان مقدس لأنه ارتبط بركن من أركان الإسلام، والاهتمام به جزء أصيل من عبادتنا، وتعبير مهم عن حضارتنا.