أجمع المشاركون في ندوة ( لماذا الفلسفة اليوم ؟) التي نظمها نادي الأحساء الادبي اليوم الأربعاء بقاعة عبدالعزيز الجبر بمقر النادي بالشراكة مع تعليم الأحساء برعاية وحضور مدير عام التعليم بمحافظة الأحساء أحمد بالغنيم على أهمية إدراج مادة مهارات التفكير الناقد والفلسفة في المرحلة الثانوية ،وذلك لدورها في تنمية التفكير الناقد والإبداعي ، معتبرين بأن المرحلة الزمنية التي نعيشها جميعاً في وطننا وما يصحبها من تطور في مختلف مناحي الحياة ، ومع التدفق الهائل للمعلومات في وسائل التواصل الاجتماعي جميعها تتطلب دخول الفلسفة لتكون بمثابة حماية لفكر الشباب .
واستهلت الندوة التي أدارها سعد آل درويش ” مدير الإعلام التربوي الناطق الرسمي بتعليم الأحساء ” بكلمة لمدير التعليم أحمد بالغنيم أكد بأننا نشهدُ تحدياتٍ كثيرةً، مما يقتضي أن تكونَ شخصياتُنا مؤمنةً بثوابتِ الدينِ الإسلامي وتكونَ عقولُنَا واعيةً و فاحصةً و ناقدةً من أجلِ بناء مجتمعٍ يجمعُ بينَ الأصالةِ والمعاصرةِ ، و هذا يستوجبُ إعطاءَ مساحةٍ كافيةٍ للتفكيِر و التأملِ وفقَ منهجيةٍ أصيلةٍ .مشيراً إلى أن وزارةُ التعليمِ بقيادةِ الوزير الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ تأخذُ على عاتقِها صناعةَ بيئاتٍ تعليميةٍ فاعلةٍ بل جعلتْ ذلك من أولوياتِها حيثُ سعى النظامُ التعليمي في بلادِنَا الغاليةِ إلى تبني استراتيجياتٍ معززةٍ للموقف التعليمي القائمِ على إذكاء جذوةِ التفكيرِ و تهيئةِ السُبُل كافةً لبناء الشخصية الناقدة إيجابيًا عبرَ المحتوى و الأدوات، مبيناً بأن وتأتي هذه الندوةُ لتلقي الضوءَ على قضيةٍ مهمةٍ من خلالِ طرحٍ رصينٍ منطلقٍ من خبراتِ أكاديميةٍ وعلمية .
بدوره أشار الدكتور نور الدين السافي الاستاذ بجامعة الملك فيصل إلى أن الفلسفة تتوسط العلم والجهل ،واستعرض الخريطة الذهنية وأكد أن جوهر قضية الفلسفة الإنسان ،مشيراً بأن للفلسفة ثلاثة أبواب نظرية وعملية وإنتاجية ( الإبداع ) ،أولها وخلاصتها العلم بالله سبحانه وتعالى .كما تحدث عن المواطنة والفلسفة ،حيث تعرفه على حقوقه وواجباته ، معتبراً بأن التفكير النقدي منهج لكل المواد ، ويسهم في ارتقاء اللسان ومن ثم العقل ،وهو يعزز المواطنة الخاصة والمواطنة الكونية ( احترام الإنسان أينما كان في العالم ) . واعتبر أن أكبر فاجعة في التعليم في العالم العربي الابتعاد عن لغتنا العربية الفصيحة تدريس المناهج الدراسية والاستعاضة عنها باستخدام اللهجات المحلية .
سعد التركي مدير برنامج مهارات الحياة بشركة تطوير أكد بأن وزارة التعليم حرصت على الجانب العملي التطبيقي للفلسفة ، وأشار التركي بأن تطبيق مقرر الفلسفة تم الفصل الدراسي الثاني لهذا العام 1440 هـ في المرحلة الثانوية في 200 مدرسة بنين وبنات على مستوى المملكة ،منها 10 مدارس في الأحساء ، مضيفاً أنه وبعد نهاية العام الدراسي الحالي 1440 هـ ، ستتم مراجعة المادة ومن ترفع للوزارة للدراسة ،كاشفاً عن أنه وفي حال نجاح التجربة ستعمم على جميع المراحل المتوسطة والابتدائية .مبيناً بأنها تدرس ضمن مقرر المهارات الحياتية بمعدل 5 ساعات اسبوعياً تقطع منها ساعة واحد لتدريس مقرر مهارات التفكير الناقد والفلسفة ، وتابع بأن أحد أهداف الفلسفة هو تدريب الطلاب بشكل مسبط على المنهج الفلسفي في طرح الأسئلة ، ومهارات التفكير الناقد .
وقال التركي من أهداف تدريس هذا المقرر هو تحسين طرق التدريس ( عبر إثارة التساؤلات والاستفسارات من الطلاب وهو منهج حديث ) ، وتطوير بيئة التعليم ( حيث يقوم على تغيير طريقة المعلم مع طلابه ،حيث يقوم على الحلقات الفلسفية وتغيير شكل الطاولات والكراسي بحيث تكون مشاركة جماعية من الطلاب ومحاضرات فلسفية بما يسمى مجتمع الاستقصاء ) ، تنمية قيم ومهارات الطلاب في معالجة المفاهيم والبناء المنطقي للحجج . وحرص بناء المقرر على قواعد تتمثل في تفعيل التفكير التعاوني مع الطلاب ، والتفكير التعاطفي ، والتفكير الإبداعي ، والتفكير النقدي . وتابع بأن الفلسفة مهمة لكونها تطرح التساؤلات في نفس الطالب عما يسمعه ، لتتضح مصادر المعلومة المتوفرة ،فالتسليم يؤدي إلى جنوح الأبناء معتبرة بأن التساؤلات مهمة في عالم اليوم وشدد التركي على الشباب والفتيات بعدم التسليم لأي معلومة يحصلون عليها عبر وسائل التواصل .
د.مزنة آل جريد ” استشارية بوحدة الحماية الاجتماعية عضو لجنة المناصحة في مركز الأمير محمد بن نايف تحدثت عن علاقة التفكير الفلسفي بالمواطنة مبينة بأن التفكير الإبداعي يركز على التعامل مع الآخر ، وتعزيز الشخصية البناءة ، وبناء قيم تؤدي للنجاح ،وأكدت مزنة بوجود تأثير للتفكير الفلسفي على المواطنة من خلال تعزيز الشخصية المتكاملة وبناءة ، وبناء قيم ايجابية ومرنة ، وسيتشعر المواطن بالمسئولية يشارك في أداء الواجبات والحقوق ، لافتة إلى أن المملكة في وقتن الراهن تمتلك رؤية كبيرة جداً ولديها نظرة لشبابها الذين يثملون 70 % من مواطنيها ،وشددت على أن الفلسفة هي الطريقة الصحيحة في التفكير الإيجابي للوصل إلى نتائج ايجابية ،كما أنها تسهم في تعميق علاقتنا بالآخرين ، كما أن الفلسفة هي نافذة لفهم العقل والمنطق لتحمل المسئولية ،كما أنها تجرد الإنسان من الأنانية ليصبح فعال .
واستعرضت د.مزنة جملة من التجارب الشخصية مع الأشخاص الذين كانوا يعانون من مشاكل أسرية أو اجتماعية أدت لانحرافهم ،حيث شددت على أن أصل مشكلة هؤلاء هو أنهم سهل انقيادهم لكونهم لا يفكرون إيجابياً قبل اتخاذ أي قرار ،ووجهت مزنة كلامها لأبنائها الطلاب والطالبات إلى ضرورة الحوار والحديث مع الأبوين ومع معلميهم ومعلماتهم حتى وإن لم يتناسب فكرهم مع أفكاركم ،لكنهم أكثر خبرة في الحياة . وأعربت عن قلقها من انقطاع الشباب عن أسرهم عبر التصاقهم بالأجهزة الذكية في عالم افتراضي وهم لا يعرفون من يقف خلفها ومن يتعاملون معه ،لذا من السهل جذبهم لهذا العالم ، واشارت إلى أن الارهاب الفكي ناجم عن قبول معلومة مغلوطة ،مؤكدة بأن الانغلاق على الذات عدو الحكمة ، لكن كلما تعلمنا قويت نفوسنا وأن فهم الآخر شرط لأمننا ،فالفلسفة مهمة وتعلمنا جميعاً كيف نربي أبنائنا مكرمين عبر استخدام عقولهم في أسرهم ومجتمعهم .