لم تفلح إيران في إخفاء قلقها منذ الإعلان عن مؤتمر دولي برعاية أمريكية يومي 13 و14 فبراير/شباط الجاري في العاصمة البولندية وارسو بهدف بحث سبل التصدي لإرهاب طهران.
القلق شمل مسؤولين بارزين إلى جانب وسائل إعلام حكومية موالية لنظام ولاية الفقيه ومليشيات إلكترونية، رغم محاولات النظام “التعتيم” عليه وتجاهله.
جميعهم عبروا عن مخاوفهم إزاء مؤتمر وارسو الذي تشارك به نحو 70 دولة، خاصة وأن هدفه بالأساس وقف أنشطة إيران الهدامة في الشرق الأوسط ومحاربة الإرهاب، فضلا عن مناقشة السلام والأمن.
وفي رد فعل سريع أوردت صحف إيرانية حكومية أصولية أبرزها “جوان” تقارير مطولة هاجمت خلالها المؤتمر الدولي الذي تجري فعاليته حاليا، ويحظى بزخم إعلامي على المستوى العالمي، حيث اعتبرته الصحيفة الإيرانية عرضا هزيلا في ظل عدم حضور أوروبي قوي، على حد زعمها.
وأعربت صحيفة كيهان المتشددة المقربة من مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي عن مخاوفها ضمنيا من انعقاد هذا المؤتمر في ظل تواجد دولي برعاية واشنطن بالتزامن مع انقضاء 4 عقود من عمر تأسيس نظام ولاية الفقيه في نهايات سبعينيات القرن الماضي، عقب الإطاحة بحكم الأسرة البهلوية.
وخلافا لهجوم المسؤولين الإيرانيين ووسائل إعلام موالية للحرس الثوري ضد مؤتمر وارسو، استعار رئيس تحرير صحيفة كيهان حسين شريعتمداري بيتًا من الشعر ينطوي فحواه على تشبيه الظروف التي تمر بها طهران في الوقت الحالي بـ”نار النمرود”، وهو أحد ملوك العصور الغابرة في بلاد الرافدين.
وفي سياق متصل، أوردت وسائل إعلام محلية أن وكالات أنباء وفضائيات إخبارية إيرانية رسمية حظرت سفر كل مراسليها إلى بولندا لتغطية المؤتمر الدولي، في الوقت الذي تعمدت تجاهل الفاعليات والأحداث المتعلقة بها على مدار يومي انعقادها.
المخاوف الإيرانية بدأت مبكرا قبل أسابيع من مؤتمر وارسو، حيث اعتبرت الخارجية الإيرانية أن عقد هذه القمة يعد عملا عدائيا من قبل واشنطن، في الوقت الذي حذّر برلمانيون إيرانيون من حشد القوى الدولية ضد نظام طهران بسبب سياساته العدائية إقليميا ودوليا.
واستدعت خارجية طهران القائم بالأعمال في سفارة بولندا لديها ویتشخ أونلت، حيث أبلغته احتجاج إیران علی تنظیم هذا المؤتمر، في الوقت الذي ألغت منظمة السينما الإيرانية أسبوعا ثقافيا يتعلق بالسينما البولندية كان من المقرر عقده مطلع الشهر الجاري.
ودعت صحف أصولية بينها “صبح نو” و”همشهري” إلى اتخاذ مواقف سياسية أكثر حدة تجاه بولندا أدناها طرد سفير وارسو من البلاد احتجاجا على عقد هذا المؤتمر الدولي على أراضيها؛ فيما وصف أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قمة وارسو بـ”مؤتمر أمني”.
وفي تعليق من داخل مكتب الرئاسة الإيرانية، قال نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري إن المؤتمر يهدف إلى فرض مزيد من الضغوط على بلاده، فضلا عن بث اليأس بين الإيرانيين، وفق تعبيره.
واعتبرت مليشيات إيرانية إلكترونية عبر منصات التواصل الاجتماعي أن قمة وارسو المنعقدة حاليا تشبه مؤتمر “جوادلوب” الذي عقدته 4 قوى غربية (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا الغربية)، في جزيرة جوادلوب الواقعة بالمحيط الأطلسى في الفترة من 4 إلى 7 يناير/كانون الثاني عام 1979.
وتركزت المناقشات في القمة المذكورة أعلاه على أوضاع إيران المتأزمة سياسيا حينها قبل سقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي، في الوقت الذي زعمت حسابات إلكترونية موالية لنظام طهران أن قرار الإطاحة بالشاه قد اتٌخذ في هذا المؤتمر، الأمر الذي يقلق نظام خامنئي بشدة.