حالة من الغضب اجتاحت الأوساط الحقوقية الفلسطينية بقطاع غزة، إثر اعتقال أمن حماس الباحث الأكاديمي الفلسطيني غسان أبوحطب، الذي لم يتوقع أنه سيجد نفسه عرضة للاعتقال لمجرد مسؤوليته عن فريق بحثي يجري دراسة مسحية عن واقع الشباب في القطاع.
“احتجزوني أكثر من 4 ساعات”.. هكذا تحدث أبوحطب، منسق مركز دراسات التنمية التابع لجامعة بيرزيت في قطاع غزة لـ”العين الإخبارية”، عن تجربة اعتقاله، الثلاثاء، من عناصر تابعة لحماس قبل أن يطلق سراحه بتدخلات حقوقية.
وأوضح أن اعتقاله جاء بذريعة إجراء المركز الذي يديره دراسة مسحية عن واقع الشباب دون تلقي إذن موافقة مسبق.
وأشار إلى أن قوة أمنية وصلت إلى مكتبه بعد اتصال هاتفي واعتقلته وحققت معه حول “استمارة” خاصة بدراسة مسحية أجراها المركز في العاشر من الشهر الجاري، واستمرت لمدة 3 أيام حول واقع الشباب في مناطق مختلفة في قطاع غزة.
وذكر أنهم أحضروا الموظف المسؤول عن إدخال البيانات، وأمروه بإحضار الاستمارات الورقية والبيانات المدخلة إلكترونيا الخاصة بالمسح وصادروها مع الحاسوب، بحجة تنفيذ الدراسة دون موافقة خطية من مراقب عام وزارة الداخلية.
وأشار إلى أنه كان قد تقدم بإشعار بموعد إجراء الدراسة المسحية ونسخة من الاستمارة بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني 2019، ولم يصله أي رد من مكتب المراقب، مؤكدا أنه أبلغوه أنه متحجز ما بين 7-10 أيام، قبل أن تجري تدخلات حقوقية أفرج عنه بموجبها بعد أن تعرض للتحقيق والإهانات التي تحط من كرامته
إدانة حقوقية
أثار اعتقال أبوحطب إدانة حقوقية واسعة، فقد أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن حرية البحث العلمي مكفولة بالقانون الدولي والمحلي، ولا تحتاج إلى إذن لإجرائها من أي جهةٍ كانت، وأن أي إجراء خلافاً لذلك يفرض على المؤسسات البحثية يعد انتهاكاً صارخاً للحق في حرية البحث العلمي وحرية الوصول للمعلومات.
واستهجن المركز، في بيان له حصلت “العين الإخبارية” على نسخة منه، إقدام جهاز المخابرات العامة على التعامل مع الباحث غسان أبوحطب بشكل ينتهك كرامته وكرامة ما يمثله من صرح أكاديمي فلسطيني وطني وهو جامعة بيرزيت، مشددا على أن ما تعرض له يشكل علامة فارقة.
وأدان محمد أبوهاشم، الباحث الحقوقي، اعتقال الأكاديمي أبوحطب، مشددا على الرفض القاطع لفكرة الحصول على أي إذن قبل إجراء الدراسات المسحية، أو أي عمل صحفي أو بحثي، كونه إجراء مخالفا للقانون.
وعبّر أبوهاشم، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، عن رفض قرار أجهزة أمن غزة منع نشر الدراسة المسحية، بزعم أنها لم تحصل على إذن الداخلية لإجرائها، مطالبا بمحاسبة معتقلي أبوحطب.
وشدد على أن حرية البحث العلمي للمراكز العلمية والأكاديمية المحترمة دون أي تدخلات هي أحد أهم أدوات الأمم والشعوب للرقي من خلال ما تقوم به من إظهار الحقائق والمعايير، والتوصل إلى النتائج اللازمة لتطوير واقع الحياة وتحقيق التنمية المستدامة.
من جهته، طالب مركز الميزان لحقوق الإنسان النائب العام بفتح تحقيق في الحادث، وإلزام الأطراف باحترام القانون ومحدداته، والعمل على ضمان احترام التزامات دولة فلسطين الدولية، لا سيما تلك الناشئة عن العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وطالب، في بيان حصلت “العين الإخبارية” على نسخة منه، حركة حماس بضرورة احترام محددات القانون، والكف عن تعظيم الهواجس الأمنية، وجعلها مدخلاً لتكميم الأفواه ووضع القيود التي تنتهك الحقوق والحريات، لا سيما أن القانون والمعايير الدولية تكفل حماية حقوق الآخرين وضمان عدم المساس بالأمن.
اعتقال النقابيين المعلمين
وبالتزامن مع اعتقال الباحث أبوحطب اعتقلت عناصر تابعة لحماس عدداً من النقابيين من الاتحاد العام للمعلمين، على خلفية دعوتهم لإضراب في مدارس غزة رفضا لسياسة قطع الرواتب أو تقليصها.
وأكد مصدر في الاتحاد، فضل عدم ذكر اسمه لـ”العين الإخبارية”، إنه تم اعتقال واستدعي عدد من النقابيين في الاتحاد في قطاع غزة، ولا يزال يحتجز عدد منهم على خلفية الإضراب النقابي الناجح.
ونفذت المدارس الحكومية إضرابا هذا اليوم، على الرغم من دعوات وزارة التعليم التي تديرها حماس لانتظام العملية التعليمية.
وفي بيان له قال الاتحاد “يخوض معلمونا في القطاع معركة مصيرية دفاعا عن لقمة عيشهم وكرامتهم، على الرغم من المحاولات الحثيثة من قبل حكومة الأمر الواقع وجهاز أمنها الداخلي لمنع ووقف الإضراب بكل الوسائل والطرق”.
وأضاف أن التهديد والوعيد والبيانات المزورة لم ولن تثني معلمينا هناك عن الالتفاف حول ممثلهم الشرعي والوحيد اتحاد المعلمين ومنظمة التحرير الفلسطينية”.
ولوح بالذهاب إلى خطوات تصعيدية بالإضراب الشامل والمفتوح في حال استمرار اعتقال قيادة الاتحاد وملاحقتهم، مناشداً فصائل العمل الوطني إلى “قول كلمتها والعمل على إنهاء ملاحقة كوادرنا وقياداتنا في غزة واعتقالهم”.