القمة العربية الأوروبية.. تعزيز ريادة مصر وتكريس عزلة قطر
تعليقات : 0
أصداء الخليج
أحمد الجزار
تنطلق في مدينة شرم الشيخ المصرية، الأحد، أول قمة عربية أوروبية بمشاركة قادة ورؤساء حكومات ووزراء خارجية 50 دولة، وفي مقدمة أعمالها ملف الإرهاب والدول الداعمة له، بالإضافة إلى ملفات أخرى.
القمة تأتي وسط غياب بارز لدول تمثل محور الشر والدعم للإرهاب العالمي وأبرزها قطر التي لا تزال تتعنت في العودة إلى الحضن العربي والتوقف عن تمويل الإرهاب بالمنطقة والعالم، وتمسكها بعلاقاتها بدول وجماعات متطرفة، بالإضافة إلى إصرارها على زعزعة أمن واستقرار الدول وهو ما يأتي في اتجاه مختلف للغاية للشعار الذي رفعته قمة شرم الشيخ وهو “الاستثمار في الاستقرار”.
حقائق وأسرار عديدة كشف عنها مؤخرا الأمير بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات السعودية السابق وأمين مجلس أمنها الوطني وسفير المملكة لدى واشنطن لقرابة ربع قرن، تتعلق بقطر والحمدين وعلاقتهما بجماعة الإخوان الإرهابية والجماعات المتطرفة في سوريا، ما يعكس الدور الريادي لتنظيم الحمدين في تمويل الإرهاب العالمي وغيابه عن مثل هذه القمم التي تسعى إلى الاستقرار والأمن في ربوع العالم.
يأتي غياب أمير قطر تميم بن حمد، لتكرس القمة عزلته، بعد أن غاب عن القمة العربية التي أقيمت في مدينة الظهران السعودية 15 أبريل/نيسان 2018، ثم تخلفه عن حضور القمة الخليجية الـ39 في الرياض 9 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.
وبات معروفا أن تميم يخشى لقاء القادة العرب، وخصوصا الدول الأربعة الداعية إلى مكافحة الإرهاب نتيجة تصرفات وسياسات نظامه الداعمة للإرهاب والمزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة.
وقطعت الدول الأربع (السعودية، والإمارات، ومصر، والبحرين)، في يونيو/حزيران من 2017، العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر، بسبب إصرارها على دعم التنظيمات الإرهابية في عدد من الساحات العربية.
ولطالما أدى تنظيم الحمدين دورا في التآمر على مصر قبيل وخلال احتجاجات ما عرف باسم الربيع العربي، وما زال إعلام الحمدين يقوم بهذا الدور حتى اليوم من خلال استهداف الدول الأربع بحملات تزييف وتضليل، لذا لم يكن مستغربا أن يظهر إعلام الحمدين حقده علنا في الهجوم على القمة العربية الأوروبية.
عودة مصر
وتؤكد استضافة مصر لتلك القمة التاريخية عودتها كلاعب استراتيجي مؤثر في صناعة القرار العالمي وكمركز للأحداث الدبلوماسية الدولية، بعد غياب قرابة عقد من الزمان على خلفية الأحداث التي شهدتها إبان ما عرف باسم “احتجاجات الربيع العربي وتداعياتها”، إلى أن استقرت الأمور داخليا، وبدأت القاهرة تتصدر المشهد دوليا بعد انتخاب السيسي رئيسا.
وكانت آخر استضافة لمصر للقمم الكبرى هي القمة الخامسة عشرة لحركة عدم الانحياز في عام 2009 والقمة الأفريقية عام 2008 بمدينة شرم الشيخ، وذلك بخلاف استضافتها للقمة العربية عام 2015.
وسيناقش القادة العرب والأوروبيون في القمة عدة قضايا أخرى، من بينها تطورات القضية الفلسطينية والنزاعات في ليبيا واليمن وإدارة الأزمة والاستجابة ومكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة والحد من التسلح والجريمة المنظمة عابرة الحدود والهجرة غير الشرعية، وتغير المناخ وتعزيز التنمية المستدامة.
وكان المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير محمود عفيفي، قال في تصريحات سابقة لـ”العين الإخبارية”: “إن القمة تستهدف بالأساس تعزيز العلاقات العربية الأوروبية في جميع النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية، وإيجاد حلول للنزاعات المسلحة في المنطقة العربية، مثل الأزمة السورية واليمنية والليبية، وموضوعات مكافحة الإرهاب واللاجئين”.
وتنطلق القمة في ظل قناعة مشتركة من الدول العربية والأوروبية بأهمية تعزيز التعاون بين الجانبين لحل أزمات المنطقة، التي تلقي بتأثيراتها على الجميع دون استثناء، وهو ما يفسر رفع القمة شعار “الاستثمار في الاستقرار”.
ويأمل الأوروبيون التوصل إلى رؤية مشتركة في القمة حول الوضع في سوريا، وذلك قبيل مؤتمر بروكسل الثالث حول سوريا الذي سيعقد خلال الفترة من 12 إلى 14 مارس/آذار المقبل لبحث دعم جهود الوساطة بين الأمم المتحدة والدول المستضيفة للاجئين السوريين.
حجم التمثيل
ويعكس حجم التمثيل في القمة أهميتها، حيث يرتقب أن تشارك غالبية الدول فيها بأعلى تمثيل لها، ومن أبرز المشاركين: خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويترأس الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، وفد دولة الإمارات العربية المتحدة المشارك.
كما يشارك في القمة رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر، وممثلة السياسة الخارجية الأوروبية فيدريكا موجريني، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وكلاوس يوهانس رئيس رومانيا.
كما يؤكد حجم التمثيل في القمة الاهتمام المشترك بالتوصل إلى رؤية مشتركة حول كل القضايا والتحديات المطروحة، والاهتمام بتعميق العلاقات بين الجانبين العربي والأوروبي في كل المجالات.
ويرى خبراء أنه “من الصعب تقييم القمة إلا بعد مضي وقت لمعرفة تأثيرها على أزمات المنطقة، مؤكدين أن توافق الرؤى حول الملفات السياسية قد يكون صعبًا، لكن في المقابل سيكون هناك توافق حول مواجهة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.