أحمد بن محمد الفريح
الخَطَأَ طَبِيعَةٌ بَشَرِيَّةٌ، وصِفَةٌ آدَمِيِّةٌ، فَلاَ مَعْصُومَ إِلاَّ الأَنْبِياءُ والمُرْسَلُون، غَيْرَ أَنَّ التَّوْبَةَ والاعتِذَارَ مِنْ أَخْلاَقِ المُؤمنِينَ، ومِنْ صِفَاتِ الأَبْرارِ الخَيِّرِينَ، قَالَ تَعالَى فِي وَصْـفِهمْ: (وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ)، إِنَّهُمْ يُخْطِئُونَ ولَكِنَّهُمْ يَعتَرِفونَ ويَتُوبُونَ، ويَستَغفِرونُ ويَعتَذِرونُ .
إِنَّ الاعتِذَارَ حَسَنَةٌ تُدْرأُ بِها السَّيِّئَاتُ، وتُعْمَرُ بِها أُسُسُ المَوَدَّاتِ، والاعتِرَافُ بِالخَطَأ دَلِيلٌ عَلَى نُبْلِ النَّفْسِ ورُقِيِّها، وسَمَاحَةِ الأَخْلاَقِ وسُمُوِّها، ونُضْجٍ فِي العَقْلِ والتَّفْكِيرِ، ورَغْبَةٍ فِي الصَّلاَحِ والتَّغْيِيرِ، إِنَّ المُؤمِنَ الحَقَّ لاَ يَجِدُ فِي نَفْسِهِ غَضَاضَةً فِي الرُّجُوعِ لِلْحَقِّ، والإِقْرارِ بِالذَّنْبِ فِي شَجَاعَةٍ وصِدْقٍ، طَلَباً لِلْعَفْوِ والصَّفْحِ والغُفْرانِ، سَواء كَانَ خَطَؤُهُ فِي جَنْبِ اللهِ أَم كَانَ فِي حَقِّ صديق أو معلم ، قَالَ تَعالَى مَادِحاً عِبَادَهُ المُؤمِنينَ: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)، وَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه- أَنَّهُ قَالَ: (كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وخَيْرُ الخَطَّائينَ التَّوابُونَ(
أخي الطالب : كثيراً ما نسمع من بعض الطلاب التظلم عند المرشد الطلابي بالمدرسة ، المعلم الفلاني تلفظ علي ، الطالب فلان تكلم علي ، وعندما تدقق في الأمر يتضح أن الأمر لا يستدعي ذلك الرفع أو التظلم عند إدارة المدرسة بل تكفي كلمة واحدة لو تربينا عليها وصارت ثقافة الاعتذار بيننا لم يستدعي الأمر ذلك أعجبني طالب بعد أن تشابكت الأيدي فيما بينهما ثم استدعي الأمر على أن يحول الأمر للمرشد الطلابي وفي الجلسة بعد النقاش ومعرفة تفاصيل المشكلة ختمت حديثي بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم والذي فيه ( خيرهما الذي يبدأ صاحبه بالسلام ) أعجبني مشاعر ذلك الطالب وتلك المبادرة السريعة وقال أنا الذي سأسلم وأعتذر من صاحبي فقلت هنيئاً لك الخيرية من نبينا صلى الله عليه وسلم .
كم هو جميل عندما يخطأ الإنسان أياً كان معلم أوكيل أو مرشد أو طالب في كلمة جارحة أو تصرف موقف أو تأخر في موعد أو نسيان لقاء أو عجلة أمر أن يقول أعتذر أو عذراً فبتلك الكلمة ترفع في مقامك وتصفوا على إخوانك تنال محبتهم وتقديرهم ، وكلنا خطأ وخير الخطائين التوابون .