من أجمل وأسعد أيام المرء أن يتاح له الجلوس مع كبير في السن حكيم صاحب خبرة وتجربة في الحياة مازال عقله رزينا ومنطقه سليما سواء كان والدا أو قريبا أو جارا أو صديقا للعائلة أو فردا من سائر رجال البلد وهذه طائفة من القصص التي ذكرت عن هؤلاء الحكماء فقد قيل لأحدهم قد تقدم لخطبة ابنتك رجل عنده خير كثير ( أموال وعقارات ) فقال لهم أهم شيء الرجال فيه خير ( أي تقوى وصلاح ) وليس أهم شيء عنده خير فكان في رده عبرة ودرسا لمن حوله ..ورؤي رجل كبير في السن قد بللت لحيته الدموع من البكاء وهو جالس عند قوم يطبخون وجبة مندي فقيل لماذا البكاء هنا ياعم فقال يا أولادي رأيتكم تدخلون خروفكم هذا حفرة النار وهو ميت فتذكرت ابن آدم يوم القيامة حين يدخلها وهو حي فعلمت أن الكافر والعاصي أهون على الله يوم القيامة من هذه الحيوانات .. وهذا حكيم ثالث ينصح ابنه فيقول بني لا تأتي الحمار من خلفه فيرفسك برجله ولا تأتي الثور من أمامه فينطحك بقرونه فإياك وإياك أن تأتي الشخص الأحمق من أي جنب حتى لا يؤذيك أو يشوه سمعتك .. وسئل رجل مسن حكيم عن مرحلة المراهقة وهي التي تعقب مرحلة الطفولة والطريقة المثلى للتعامل مع المراهق فقال تعامل معه مثل تعاملك مع طبخة الجريش قصر على ناره وخلك حولها .. ورأى أحد كبار السن شخصا مهموما قد حمل ضغوط الحياة على رأسه ويتوجع منها فسأله الحكمة فقال الحكيم ( إن أردت أن تعيش مستريح فلا تفهم الحياة خطأ ولا تفهمها صحيح ) وهو هنا يشير إلى سنة التغافل والتغابي عن دقائق الحياة وتفصيلاتها التي لا تضر …واستوقف أحدهم رجلا مسنا فقال له ياعم من خلال خبرتك دلني على مكان هادئ صامت بعيد عن صخب الحياة وضوضائها أستريح فيه وأعيش فيه باقي حياتي كلها فأخذه هذا الحكيم إلى المقبرة وقال له هنا بغيتك ولن تجد أفضل من هذا المكان …ورأت امرأة مسنة ابنها يتحسر على الماضي ويتمنى الأماني فقط فقالت له هذا المثل ( يا ولدي لو زرعنا (لو )في وادي (عسى )لحصدنا (ياريت ) اترك عنك الكسل وقم واجتهد واعمل وتوكل على الله فلن تخيب أبدا … هذه أحبتي بعض قصص ودروس أهل الحكم والهمم ممن جربتهم الأيام وجربوها فهل نعيها لكي نصل للقمم .. ودمتم سالمين أيها الطيبات والطيبين