• 04:39:24am

أحدث الموضوعات

( مشغول ! ولكن غير منتج ! ) 

تعليقات : 0

أصداء الخليج
بقلم -محمد الملاحي 

في أحيان عديدة نسمع عبارات مثل ( أنا مشغول ) أو ( ليس لديَّ الوقت ) تتردد على ألسنة الكثير من الناس هذه الأيام . وهم بالفعل كذلك ، جداً مشغولون . ولكن ! لو نظرنا إلى الإنجازات أو الأهداف التي حققوها نجد أنهم لم يحققوا شيئاً يُذكرْ مقابل الجهد الغير عادي المبذول من قبلهم . وهذا يدعونا إلى التساؤل ما هو السبب يا ترى ؟ وأين يكمن الخلل ؟ ولماذا لا تكون المنجزات بحجم انشغالهم ؟ وغيرها من التساؤلات التي تتزاحم في أذهاننا

إنَّ هؤلاء المشغولون في الظاهر الغير منتجون في الحقيقة يشبهون إلى حدٍ كبير ذلك البَحّار الذي هو مشغولٌ طوال وقته ولكن قاربه لا يزال قابعاً في الشاطئ لم يتحركْ قيد أنملة

سأحكي لكم قصة البحار والرجل الحكيم لأوضح ما أريد أنْ أصل إليه .

في يومٍ من الأيام ذهب رجلٌ حكيمٌ إلى الشاطئ ، فوجد بَحّاراً في يده دلوٌ . وكان هذا البحار مشغولٌ جداً والعرق يتصبب على جبينه ، فقد كان يخرج الماء الذي ملأ قاربه . نظر إليه الرجل الحكيم باستغراب ، ثم سأله : ما تفعل ؟ 

فأجابه البحار : إني مشغول بإخراج الماء من قاربي مستخدماً هذا الدلو

فسأله الرجل الحكيم : ومن أين أتتْ هذه المياه إلى قاربك

فأجابه البحار : يوجد ثقبٌ في قاربي يدخلُ منه الماء

فردَّ عليه الرجل الحكيم : أعتقد أنَّك ستظل مشغولاً إلى الأبد وستظلُّ المياه تدخل إلى قاربك

نظر البحار إلى الرجل مستغرباً ثم قال : ولماذا ؟ ألا ترى أني أحاولُ جاهداً إخراج المياه من القارب ؟ 

فأجاب الرجل : نعم ! أنتَ تحاول إخراج المياه ولكنك في الواقع لن تخرج المياه وستظل تغمر قاربك

فأجاب البحار وعلامات الاستغراب باديةٌ على وجهه : ولكنْ لماذا ؟ 

ردّ الرجل الحكيم : لأنك بكل بساطة لم تعالجْ أصل المشكلة

فأجاب البحار : ومالذي يتعين عليَّ فعله ؟ 

قال الرجل : عالج أصل المشكلة واصرف جهدك إلى معالجة الثقب الموجود في قاربك ، حينها سوف لن تحتاج إلى كل هذا الجهد المهدر والوقت الضائع

وبالفعل قام البحار بإصلاح الثقب الموجود في القارب ، فبدأتْ المياه بالتوقف عن الدخول إلى القارب ! ثم قام بعد ذلك بإخراج المياه المتبقية بواسطة الدلو وماهي إلا لحظات وإذا بالقارب أصبح خالياً من المياه تماماً ، وأصبح جاهزاً للإبحار

ورغم أنَّ هذه القصة من نسج الخيال إلا أنَّ فيها العِبر وتلخص حال كثيرٍ من الناس هذه الأيام

عوداً إلى التساؤلات المطروحة مسبقاً فإننا نلاحظ أن الكثير مشغولٌ ولكنهم عير منتجين ، ولَم يحققوا أيّ أهدافٍ تُذكرْ . بل إنَّ أحلامهم لا تزال تقبع في مخيلتهم ، فأصبحتْ مع تقادم الأيام مجرّد أمنيات ليس إلَّا

الحل بكل بساطة يكمن بأنْ نفعل بنصيحة الرجل الحكيم للبحار بأنْ نعالجَ أصل المشكلة بدلاً من الجري وراء سراب عبارة ( أنا مشغول ) 

علينا أنْ نُحَدِّدَ أهدافنا بكل دقة ونسعى جاهدين لتحقيقها

التركيز نحو ما نريده وصرف الجهد والوقت يساعدنا ، بعد توفيق الله تعالى ، لتحقيقه وفِي الوقت ذاته يوفر طاقتنا وأوقاتنا الثمينة ، لنستمتع في نهاية المطاف برؤية أحلامنا ماثلةً أمامنا

والأدهى من ذلك أنَّ جهود وأوقات كثيراً منَّا تكون لتحقيق أهداف غيرنا ، فنخرج في نهاية المطاف بخفي حنين ، و تكون أوقاتنا التي صرفناها قد ذهبتْ سدى ، فلا نحن الذين حققنا أحلامنا ، ولا نحن قضينا أوقاتنا مع من نحبهم ، أو على الأقل لا نكون قد فعلنا ما نحب

فلنعاهد أنفسنا أن نوجه طاقتنا ونصرف أوقاتنا في الإتجاه الصحيح ، حتى تكون رحلة حياتنا حافلةً بالمنجزات التي تترك أثراً لنا بعد أنْ نغادر هذه الحياة

ولنتذكر دوماً أنه ليس كل مشغول منجز !

فلنركز جهودنا نحو أهدافنا حتى نوفر وقتاً كثيراً لنقضيه مع من نحبهم ونعمل أموراً طالما تمنينا أن نعملها ، ولكنْ شغلنا عنها التوجيه الخاطئ لدفة طاقاتنا

أضف تعليقك

برجاء الكتابة باللغة العربية فقط comments are disable

د.سعود بن صالح المصيبيح

يوسف الذكرالله

يوسف أحمد الحسن

يوسف أحمد الحسن

بقلم | محمد بن عبدالله آل شملان

لواء . محمد مرعي العمري

بقلم | هدى حسن القحطاني

يوسف أحمد الحسن

يوسف أحمد الحسن

التغريدات