إن المدرك لحقائق الأمور ومجرى الأحداث يرى بأم عينه الفوارق الحادثة بين من بنى خططه وسعى لتنفيذها على أساس واجبته الأساسية لعمارة الأرض وإيصال الخير للحياة عليها ، وبين آخر يسعى في الأرض فساداً ليهلك الحرث والنسل ، ولعل الصورة قد اتضحت الآن للمستعرض لما يقوم به ولاة أمر المملكة العربية السعودية منذ نشأتها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى وبنيه من بعده ونحن لا نرى سوى العزيمة الصادقة والخطى الحثيثة الواثقة للبناء لا للهدم وعلى جميع الأصعدة والنواحي ، بناء لتنمية قدرات كل من يعيش على أرض هذا الكيان ، وعندما يقال ” كل” فالاختيار مقصود لمن ولد عليها وهو من أهلها أم من وفد إليها على حد سواء ، وعندما أقول “كل” أقصد كل شبر من أرضها من سهالها وجبالها وصحاريها وبحارها ، تنمية لكل أحد وفي كل مكان بعون الله وتوفيقه، إعمار علمي وارتقاء معرفي وتنمية على جميع الأصعدة ، كتاتيب لمحو الأمية تنتشر في البدء كبذرة لمدارس ومعاهد وكليات وجامعات ، مراكز تدريب مهني تشارك في بناء المعامل والمصانع والاستغناء الذاتي ، ثبات على الوسطية ورفض للتطرف ، إنها باختصار وإن أخل في تسليط كل الأضواء على كل الجوانب فإشارته واضحة كالشمس في وسط النهار بلا تراب ولا سحاب هي سعودية البناء ، ومن هنا فكل ما قد يعترض هذا الهدف السامي فستجد رفضه وحلحلت أجزائه كي لا يعترض الطريق نحو الرقي للقمم ، ولقد استمعت قبل قليل بل استمتعت ببيان تكلم به رئيس مجلس الأمة بدولة الكويت الحبيبة الكويت الشقيقة عن تحديث بنود الاتفاقية بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت للحدود والحقوق في المنطقة المحايدة ، وإذ لم تستوقفني البنود وما فيها من خيرمتفق عليه سيعود للبلدين ، كما استوقفتني كلمات عظيمات نقلها رئيس البرلمان الموقر عن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله من أقوال وتصرفات شجاعة بل جرئة بالحق راقية تنم عن الحرص على إزاحة ما يعيق تحقيق البناء المتكامل بين البلدين الشقيقين إنطلاقا من حرص قيادتهما الراشدة الواعية والتوجيهات لسموه بذلك من لدن خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله – ، إنها والله لتشدك بتفاصيلها بل لترتوي حنايا فؤادك بنعيم معانيها من أننا دولة بناء لا هدم ، دولة لا تنظر في السير نحو القمة سوى إلى ما يوصلها إليها بحول الله وقوته ، دولة بل أمة شعارها البناء الإيجابي وإزاحة المعوقات ما كان مصدرها وفي المقابل لو نظرت إلى دولة الثورة السالبة والثروة السائبة لحمدت الله على ما أنت فيه من نعمة وسألته العافية مما ابتلي به أهل بلاد فارس والأهواز من ولاة سوء ربيبهم الفساد وأدواته ، قد سخروا جميع ثرواته وطاقاته لنشر الشر بشتى الوسائل والوسائط والأساليب ، ولو نظرت عابراً إلى ما يجري للعراق الجريح في ميادينه ومساجده ومدارسه وجامعاته ، وإلى سوريا المكلومة وما يرتع في أرجائها ولبنان المشتت ، لوجدت أن أيادي ملالي الفساد والإفساد قد تطاولت من جحرها في إيران لتعبث بإيمانها بربها الواحد فتشرك به كما عبثت بأمنها ووحدتها واستقرارها واقتصادها وفكرها وثقافتها لتندس كل ما تطؤه بقدمها النجس وفكرها الملوث ومخططها المنفذ لمقاصد أعداء الأمة المؤمنة الآمنة لعلمت الفرق بين الباني بأمر الله والهادم باسم الشيطان ، ولعرفت بالنظر إلى النتائج حقيقة دعوى كل ناعق منهم ولهم وصدق الله القائل (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) فاللهم لك الحمد على ما وفقت ولاتنا لما يرضيك ونسألك أن تحفظ علينا إيماننا وأمننا وولاتنا وولائنا وأن نشكر نعمتك علينا وتدفع عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم . وكتبه : عبدالله بن محمد بن سليمان اللحيدان المدير العام السابق لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة الشرقية الجمعة 15 / 5 / 1441هـ