هل أصبح الشعور نعمة أم وبال على صاحبه ؟! هل الشعور يضفي للحياة طعماً جميلاً لا يمكن حتى أثرى الأثرياء شراءه ؟؟ أم أصبح صاحب الشعور محض سخرية و “طقطقة” من بعض الأشخاص الذي يقتاتون عليهم حتى يمرووا أوقاتهم بالضحك!هل بالفعل هناك تحكم يستطيع الإنسان من خلال “إخماده شعوره” كما فعلت ايلينا غلبرت في مسلسل “The Vampire Diaries” ؟ هل للمشاعر تاريخ انتهاء؟!هل أصبت يوماً بتأنيب الضمير لأنك مررت من أمام شحاذ ولم تعطه النقود لقناعتك بأنه غير محتاج؟
في زمن طغت فيه الماديات على الانسانيات وغلبت فيه المصالح الشخصية على الصالح العام، قد يقول قائل انه لم يعد هناك مكان للتفكير بلغة المشاعر أو العواطف ولا وقت للحديث عنها. إن القدرة على تحليل المشاعر والعواطف والتعبير عنها على مستويات مختلفة من الزمن يسمى بلغة العلم اليوم «التطور العاطفي» (Emotional Development)و يرتبط اللاشعور عادة بنظريّة التحليل النفسي؛ فهو تسمية أطلقها فرويد الذي شغل بال الفكر المعاصر في القرن العشرين .
وقد وصف ابن تيمية اللاشعور وصفاً دقيقاً كظاهرة من الظواهر فقال: (…إن الإنسان قد يقوم بنفسه من العلوم والرادات وغيرها من الصفات مالا يعلم أنه قائم بنفسه، فإن قيام الصفة بالنفس غير شعور صاحبها بأنها قامت به، فوجود الشيء في الإنسان غير شعور الإنسان به) ابن تيمية – الفتاوى ولابد أن نعلم أنه لا يوجد لاشعور إلا وكان يوماً ما شعوراً ولو عند شخص آخر، حيث أنه لا يشترط أن يكونا في رجل واحد. ويمكن أن نلاحظ هذه الحالة من قوله تعالى: ﴿وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا: إنما نحن مصلحون. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون﴾ دعونا نروض تلك النفس .. ونطوعها فبعض السلف يقول أنه أتم ٤٠ سنه في تطويع نفسه ! فمثلاً شعور الغضب لكل كبيرة وصغيره تستطع ان تخفف منها تدريجاً حتى تستطيع التحكم بها ! وأذكر قصة لاحد الاصحاب الذي غضب من شخص ورأيته بعد مدة فرأيت رجله مكسوره فأخبرني أنه بسبب الغضب كسر رجله !!
دائما ما نبحث عن الشعور الجيد الذي يقودنا إلى السعادة في الأشياء البعيدة عنا بعدها نكتشف أنها تكمن في الأشياء القريبة منا والبسيطة .. ابتسامة أم .. مزحة أخ .. ملاعبة طفل .. خروج في نزهه بريه ، نكته سامجة! ربما كان هذا من عدل الله سبحانه وتعالى أن جعل السعادة تكمن في الامور البسيطة حتى لاتنحصر تلك السعادة لدى اصحاب الثروات الطائلة . ربما لن نستشعر قيمة تلك الضحكات العفوية .. والمشاعر الدافئة حتى نفقدها ، كأن تسافر مثلاً إلى بلد بعيد فلا تجد من يسأل أو يتصل ليسأل عنك !
للمشاعر أصول ضاربة في النفس، كالشجرة، ليس بمقدورك أن تقتلعها من جذورها الممتدة على مدى أعوام، وكذلك لا تستطيع أن تمنع نفسك من الشعور فقط لأنك تريد ذلك فعلى سبيل المثال، لا يمكنك أن تقول: سأحب شخصًا ما لمدة سنة واحدة، وبعدها يمكنني أن أكرهه أو أنسى وجوده.
في كل مرة تكتشف بداخلك مشاعر جديدة، حاول ألا تربطها بالزمن، حاول ألا تتوقع مدة لانتهائها، وجرب أن تعيشها حتى وإن اختفت بعد ثوانٍ فقط. دعونا نستخدم روعة شعور دهشة البدايات بعد الآن بتروي أكثر، لنحظى بأيام رائعة بعدد أكبر. الشعور شيء أسمى من الوقت، شيء يذوب فيه، ويُظلم كلما حاولت أن تُذيِّله بتاريخ ما. ختاما : أترك جبل جليد المشاعر للذوبان واشعر بمن يحبك قبل فوات الأوآن .