فلذات أكبادنا أكثر ما نقلق عليهم في هذه الأيام، نخشى عليهم أن يصابوا بهذا الوباء والذي يسمى بفيروس كورونا لا قدر الله، ونخشى عليهم من أن تسوء حالتهم النفسية مع هذا الحجر الصحي وخاصة بعد أن أصبح الحظر ٢٤ ساعة في بعض المناطق والأحياء، ومنع خروجهم نهائيا من منازلهم، فكيف لأم وأب أن يواجهوا طلبات أبنائهم بالخروج إلى المتنزهات وزيارة الأجداد والأقارب كما تعودوا؟
كيف لنا أن نملي أوقاتهم بشيء يفيدهم ونبعدهم عن التلفاز والأجهزة اللوحية؟
وكيف يمكننا حمايتهم وكيف ممكن أن نتحدث معهم بما يخص هذا الوباء؟
أسئلة كثيرة تدور في مخيلة كل أب وأم سنعرف إجاباتها مع ضيفينا الدكتور محمد بوسعد و الدكتور عاصم العبدالقادر.
فدعونا نبدأ أولا مع الدكتور عاصم استشاري طب الأسرة والطب الوقائي والصحة العامة، أستاذ مساعد بكلية الطب بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام.
دكتور عاصم ما مدى خطورة أن يصاب الطفل بفيروس كورونا المستجد (COVID-19)؟
بناء على المعلومات المتوفرة إلى الآن، يبدو أن الأطفال أقل عرضة للإصابة بمرض COVID-19 مقارنة بالبالغين، مع أن هناك إصابات في الأطفال والرضّع بمرض COVID-19، معظم الحالات المصابة هي من البالغين.
حديثك يدعوا للاطمئنان الحمد لله، إذاً كيف لنا أن نحميهم أكثر من الإصابة بالفيروس؟
بالإمكان تشجيع الطفل للمساعدة في إيقاف انتشار مرض COVID-19 من خلال تعليمهم ما يجب على الجميع فعله للحفاظ على صحتهم.
مثل تنظيف اليدين بشكل متكرر من خلال الغسيل بالماء والصابون أو استخدام معقم الأيدي الكحولي، وتجنب القرب من الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض المرض (الكحة/السعال والعطاس)، كذلك تنظيف وتعقيم الأسطع الصلبة بشكل يومي في الأماكن الأكثر استخداما في المنزل (مثال: الطاولات، كراسي الأطفال، مقابض الأبواب، مقابس/مفاتيح الإنارة، أجهزة التحكم عن بعد (الريموت)، المكاتب، دورات المياه، والمغاسل)، وايضا غسيل المتعلقات الشخصية كالألعاب (القابلة للغسيل) حسب تعليمات الشركة المصنعة لها، ويفضل الغسيل بماء دافئ ثم التجفيف التام قدر الإمكان، ولا ننسى متعلقات الشخص المريض بالإمكان غسيلها مع متعلقات الأشخاص السليمين.
هل أعراض الإصابة بالـ COVID-19 في الأطفال تختلف عنها في البالغين؟
لا، فأعراض الإصابة بـ COVID-19 متشابهة بين الأطفال والبالغين.
بالرغم من ذلك أعراض الأطفال عادة ما تكون خفيفة، فالأعراض الشائعة لدي الأطفال تشمل أعراض نزلة البرد (مثل: ارتفاع درجة حرارة الجسم، رشح في الأنف، كحة/سعال، القيء (الترجيع) والإسهال أيضا قد تكون أحد الأعراض. من غير المعلوم في الوقت الراهن ما إذا كان بعض الأطفال ذوي الأمراض المزمنة أو الاحتياجات الطبية الخاصة أكثر عرضة للإصابة بمرض COVID-19؛ ما زال هناك الكثير من المعلومات التي لا نعرفها حاليا عن تأثير مرض COVID-19 على الأطفال.
هل يجب أن يلبس طفلي قناع للوجه؟
هناك بعض المستجدات في هذا الموضوع فهو يعتمد على مدى انتشار المرض في المنطقة التي يعيش فيها الطفل وعائلته.
فمع ازدياد أعداد الإصابات حول العالم، قررت كثير من الجهات الطبية الرسمية أن تنصح المواطنين والمقيمين بارتداء كمامات الوجه، للصغار والكبار على حد سواء؛ في الوقت الحالي ينصح مركز الوقاية من الأمراض ومكافحتها في أمريكا بارتداء كمام قماشي للوجه والذي قد يكون مصنوع يدويا في المنزل؛ إذا توفرت الكمامات الطبية المعروفة فهي أيضا خيار مناسب للحد من انتشار العدوى حتى قبل ظهور الأعراض.
شكرا لك دكتور عاصم ودعنا ننتقل إلى الدكتور محمد وهو محاضر بقسم طب الأسرة و المجتمع بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام وباحث دكتوراه في تخصص الوبائيات و الصحة العامة.
دكتور كيف لنا أن نناقش موضوع كورونا مع أطفالنا من دون أن نُدخل الخوف أو الهلع في قلوبهم؟
معظم أطفالنا لديهم شيء من الفهم للموضوع لما رأوه من وضع الناس للكمامات الطبية أو أغطية الوجه الواقية، أو عن طريق الأحاديث
التي وصلت إليهم من أصدقائهم مثلا أو الأخبار التي من حولهم.
المطلوب من الأهالي أن يكونوا بمثابة الصمام الذي يتم عن طريقه إيصال الحقائق لأطفالهم، بحيث تكون متناسبة مع قدرتهم على الفهم و مرحلتهم العمرية ، و في ذات الوقت تكون موثوقة و علمية؛ لأن بعض المعلومات المغلوطة أو المبالغ فيها قد تصيبهم بالهلع.
إذا كيف لنا فعل ذلك دكتور محمد؟
أولا: اجعل حديثك مناسبا لمرحلتهم العمرية، فلا تكثر على أطفالك بالمعلومات؛ لأن ذلك قد يكون أكبر من قدرتهم على الاستيعاب، المهم هو أن تتحدث معهم بصراحة و وضوح (بعد أن يثقف الأهالي أنفسهم من مصادر موثوقة بالطبع) و أن تكون متواجدا لتلبية تساؤلاتهم وقت الحاجة.
ثانيا: أعط طفلك فرصة لطرح تساؤلاته و كن متهيئًا للرد عليها و ليكن هدفك إجابة تساؤلاته و دحض
المعلومات المغلوطة التي قد تثير رعبه.
ثالثا: في حال كنت قلقا أو متخوفا فعليك أن تتعامل مع قلقك و مخاوفك بعيدا عن الأطفال حتى لا يؤثر سلبًا عليهم، و إن كان لديهم أي تساؤلات فمن الأفضل تأجيلها حتى تكون أنت في وضع مستقر يساعدك على الإجابة.
رابعا: كن مصدر اطمئنان و راحة لأبنائك فيما يتردد حولهم من أخبار قد يزيد من قلقهم، و بإمكانك أن
تشرح لهم أنهم كأطفال أقل عرضة للإصابة بهذا الفيروس من غيرهم من الفئات العمرية.
خامسا: كن حريصا على تطبيقك للإجراءات الوقائية و تعليمها لأبنائك حتى يكونوا في مأمن من العدوى بإذن الله، فأنت قدوتهم و مصدر الأمان لهم.
سادسا: كن ملتزما بالروتين اليومي و الجدول المعتاد لأطفالك ( مثل: أوقات الوجبات، اللعب، والنوم ) خصوصا في ظل الإغلاق الاحترازي للمدارس فذلك يشكل مصدر اطمئنان و راحة لأطفالك.
سابعا: ابق أطفالك على اطلاع، فبإمكانك إخبارهم بالتالي “قد لا يكون لدينا الأجوبة لجميع الأسئلة، فهناك الكثير لنتعلمه عن الوضع الحالي ولكن ثقوا بأننا سنخبركم بالمستجدات في حال كان هناك شيء يتطلب منكم معرفته!
شكرا دكتور محمد على هذه المعلومات الهامة، ونتطلع أن تزودنا برسالة ختامية للأهالي؟
ختاما نوصي أهلنا وأحبابنا بإدراك جدية الأمر وضرورة الالتزام بالتعليمات الصادرة من المسؤولين و ولاة الأمر حفظهم الله، فنحن جميعًا في مركب واحد وأثر التزامنا من عدمه قد يكوّن آثار تعم المجتمع ككل.
الأمر الآخر أنه من الضروري البقاء على اطلاع بالمستجدات والتوصيات من قبل الجهات المسؤولة واستقاء المعلومات دائمًا من مصادرٍ موثوقة فذلك معين لنا بإذن الله على زيادة فاعلية الإجراءات المتبعة وتجاوز الأزمة بإذن الله.