ومن خلال التاريخ والرجوع إلى الماضي نجد أن عام 1972م كان عام التغيير في السياسات البيئية العالمية ، حيث عرف هذا العام باجتماعات عديدة سعت لمناقشة مواضيع بيئية مختلفة وتضمين لقضايا بيئية في السياسات الدولية ، حيث تم على ضوء تلك الاجتماعات الاتفاق على إقرار يوم عالمي للبيئة تسعى من خلاله الأمم المتحدة إلى إحياء هذا اليوم وتحقيق العديد من المكاسب في المجال البيئي.
تتمثل تلك المكاسب في زيادة وعي المجتمع والشركات بضرورة الحفاظ على البيئة من خلال ورش العمل التي ينظمها البلد المستضيف بمشاركة كافة المهتمين في مجال البيئة على الصعيد العالمي ، وتقييم المكتسبات والمشاريع التي تم التخطيط لها والتي أنجزت بالفعل على أرض الواقع خلال العام ، وتقديم اقتراحات وتوصيات جديدة لتحقيق المزيد من التقدم والتطور مستقبلا ، والمصادقة وتقديم الدعم للمشاريع الهادفة لحماية البيئة ، والمساهمة في تحفيز الوعي البيئي ، وتشجيع المساهمة الجماعية في الحفاظ على مكونات البيئة.
وقد وقع الاختيار على دولة كولومبيا بالشراكة مع دولة ألمانيا لاستضافة يوم البيئة العالمي لهذا العام تحت شعار ” حان وقت الطبيعة ” حيث تعرف كولومبيا أنها واحدة من أكثر دول العالم تنوعاً بيولوجياً كما وتعتبر موطناً للعديد من أنواع الطيور والبرمائيات النادرة.
وبما أن العالم يواجه أزمة انتشار فايروس كورونا المستجد (Covid19) ، فإن فعاليات هذا اليوم العالمي لن تكون بوتيرتها المعهودة بل سيتم الاكتفاء بإحياء هذا اليوم على منصات التواصل الاجتماعي بمشاركة معظم سكان العالم.
وأن الفائدة الكبرى الممكن تقديمها هي توضيح مصطلح ومفهوم التنوع البيولوجي وكيفية تحقيق هذا التنوع ومدى تأثيره وأبعاده على صحة وسلامة البيئة ولماذا تم اختياره موضوعاً لهذا العام؟ وهل هو مهم إلى هذه الدرجة؟ وتساؤلات أخرى سنحاول الإجابة عليها.
يعتبر النظام البيئي الصحي نظام غني بالتنوع البيولوجي وذلك ضرورة لضمان عيشنا في بيئة آمنة فهو يعد عامل أساسي يحد من تلوث كل من الهواء والماء ، وبما أن العالم شهد هذا العام وعلى غير العادة حرائق عديدة خاصة في غابات الأمازون والتي تسببت في موت العديد من الحيوانات المهددة بالانقراض ، وبذلك أصبحنا معرضين لخلل في ميزان التنوع البيولوجي العالمي ، مما سيلقي بآثاره السلبية على المجال البيئي بالتأكيد.
كما أن أزمة فايروس كورونا (Covid19) أكدت مرة أخرى على أن مختلف الفيروسات التي من الممكن أن تودي بحياة البشر مصدرها حيواني ، ومن هنا يمكننا أن نستنتج أن تدميرنا للتنوع البيولوجي سيخلف آثار كارثية كان من الممكن تجنبها حيث أن فقدان التنوع البيولوجي دمر نظام الحياة وأتاح إمكانية نقل الأمراض وضاعف فرص انتشارها بسرعة مخيفة.
إن الطعام والماء والهواء مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بالتنوع البيولوجي ففي كل يوم يتم إنتاج أكثر من نصف الأكسجين الذي نحتاجه من قبل النباتات البحرية تلك المهددة بالانقراض بسبب التلوث الذي تشهده مختلف محيطات العالم ، مما سيحدث اختلالا في التوازن البيئي العالمي.
وكما أن شجرة واحدة تمتص حوالي 22 كيلوجراما من ثاني أكسيد الكربون ، وتمدنا في المقابل بالأكسجين أليس هذا سببا كافيا لحفاظنا عليها؟ بل وزراعة المزيد منها؟! لكننا في المقابل ومع الأسف نساهم في المزيد من قطع الأشجار، والرعي الجائر، مما ينتج إلى تدمير النظام البيئي وتفاقم للأزمة.
إن العديد من الحيوانات المهددة بالانقراض أو التي انقرضت بالفعل إنما وصلت لهذه المرحلة بسبب تهور الإنسان لذلك وجب إعادة التفكير في طرق عيشنا ونمط استهلاكنا ، كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن التغير المناخي يساهم بجزء ليس بالقليل في تدمير التنوع البيولوجي، حيث نجد انعكاساته السلبية على حياة الإنسان في الحصول على الأساسيات والضروريات التي يحتاجها للقيام بنشاطاته اليومية من هواء نقي وماء عذب و أكل صحي.