• 06:13:43pm

أحدث الموضوعات

نَظْرَةٌ في المنهَجِ العِلمِيِّ

تعليقات : 0

أصداء الخليج
د. فهد البكر :

المنهج العلمي هو الطريقة التي يسير عليها الباحث في صناعة بحثه؛ ليصل إلى وجهة مقصودة، وغاية منشودة، فهو درب يسلكه صاحبه، ولا يحيد عنه، يشبه في ذلك سكة القطار إن أردنا تشبيهاً دقيقاً، فإذا كان القطار يتنقّل بين محطاته، ويصل إلى وجهاته، في وقت محدود، ومسافة معروفة، فكذلك الباحث يتنقّل بين أهدافه، ويروم تحقيق غاياته وفقاً لزمن معيّن، ومقدار معلوم.

ولو تأملنا المعاني اللغوية التي تضطلع بها كلمة (منهج) لرأيناها مشتقة من (النهج) أي الطريق المخصوص، أو المقصود، وليس الطريق في حد ذاته؛ أي أن النهج لا بد فيه من التركيز على الهدف، أو الغاية، وأعتقد أن هذا المعنى (أي النهج) متداول في بعض اللهجات الدارجة اليوم، فبعض البادية عندنا يقولون لمن ذهب إلى مكان معروف: «فلان نَهَج»؛ أي: سلك طريقاً باتجاهٍ معين، أو مكان محدد.

ويظهر أن المناهج العلمية اشتُقت من هذا المعنى؛ أي السير على منوال واضح ومعروف؛ وقد ورد ذكر (المنهاج) في القرآن الكريم، في قول الله تعالى: «لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا»، وقد استعمله بهذا اللفظ (المنهاج) بعض البلاغيين، كما عند أبي الحسن حازم القرطاجني (ت684هـ) في كتابه (منهاج البلغاء وسراج الأدباء)؛ ولئن أوحى ذلك الاستعمال اللغوي بالسير على طريقة واضحة وثابتة، فإنه – قياساً على ذلك – لا بد في المنهج العلمي من الانضباط، والاتساق، والاستمرار؛ لهذا كلما كان المنهج (الطريق) واضحاً، انعكس ذلك على سلامة المقاصد، وتحقق النتائج المرجوة من وراء تلك الدراسات والأبحاث، ويصدق هذا الأمر على أكثر التخصصات العلمية ذات البعد النظري والإنساني؛ وأظنه يستقيم كذلك في بعض التخصصات العلمية ذات الإطار التطبيقي والعملي.

وإذا كان لكل حقل علمي، أو مجال معرفي مناهجه الخاصة التي تتناسب مع غاياته، وأهدافه، فإنه من الأجدى أن يتصف المنهج البحثي بخصائص تجعله وسيلة ناجعة لتحقيق تلك الغايات والأهداف، ويمكن أن نشير إلى أن من أهم تلك السمات: الدقة، والعمق، والوضوح، والجدة، والابتكار، وعدم التشتت، أو الاختلاط، بالإضافة إلى مراعاة بيئة الدراسة، وظروفها المحيطة، ومقامها البحثي، وسياقاتها العلمية والمعرفية؛ إذ يغيب عن كثير من الدارسين والباحثين التنبه لمثل هذا؛ وهو ما يقود إلى الاعتراف بأن أغلب الأبحاث والدراسات إنما توصف بالقوة أو الضعف بسبب منهجها.

وفي مجال اللغة – مثلاً – تتعدد المناهج وتتنوع، غير أن مما يؤسف له أن نرى كثيراً من الباحثين يطبّق جلّ دراساته، ونظرياته على منهجٍ واحد، لا يخرج عنه، وربما لا يعرف غيره، وأعجب من هذا أن بعضهم بُلي بمسألة الخلط، فلا يكاد يدرس ظاهرة، أو قضية، أو مسألة إلا من خلال منهج واحد عام، كما هو ملحوظ عند أصحاب (المنهج الوصفي التحليلي)، وأصحاب (المنهج التكاملي) أولئك الذين ضيّعوا موضوعات كثيرة، وفوّتوا عنوانات عديدة، كادوا أن يقدموا من خلالها شيئاً مفيداً للعلم والمعرفة، لولا أنهم التفتوا إلى المناهج الجديدة، وحسّنوا من استعمال مناهجهم وفق ما تشتهيه دراساتهم، لا ما تشتهيه أنفسهم.

أضف تعليقك

برجاء الكتابة باللغة العربية فقط comments are disable

يوسف أحمد الحسن

بقلم : فيصل بن مقبل المسند

قصة كتبها : سيف الوايل

د.سعود بن صالح المصيبيح

يوسف الذكرالله

يوسف أحمد الحسن

يوسف أحمد الحسن

بقلم | محمد بن عبدالله آل شملان

لواء . محمد مرعي العمري

التغريدات