أنتوني روبنز أحد أكثر الكتاب إبداعًا وتأثيرًا في الجيل الجديد في الولايات المتحدة الأمريكية. فقد كانت تتملكه قدرات منهجية سيكولوجية استطاع أن يغير بها بعض المعضلات النفسية. فعلى مدى سنواته الطويلة قرأ الكتب النفسية والفلسفية القديمة والحديثة ورحل إلى الهند والصين وتداخل مع أفكارها ونظرياتها الفلسفية والروحانية.
يعتقد روبنز أن البعض من الجيل الجديد عاجز عن قراءة الواقع بطريقة منهجية وأن عواطفه وليس عقله هي التي تقود حياته ولذلك فإنه ينزلق بلا وعي في أنماط سلوكية سلبية وعند ذلك يعيش حالة تعددية من الشخصيات المزدوجة والمتناقضة والسبب يعود الى محدودية خياراته وقراراته الصائبة. فالخيار والقرار الإيجابي يحددان مستوى الحياة الفعالة فنحن انعكاس لخياراتنا وقراراتنا. ولذلك فإن القرارات الفعالة وليس الظروف هي التي تصنع الحياة. فعندما نواجه أحداثاً أو مواقف ولا نتماسك حولها نلجأ الى تغيير الظروف أو البيئات أو الأشخاص ولكن معاناتنا لا تكمن فيهما وإنما في ردود فعلنا اتجاهها والطريقة التي نفكر بها.
ولذلك فإن عدم قناعتنا بمستوى حياتنا يكمن في طريقة الفهم وليس في النتيجة المترتبة على الفهم وبنفس المستوى فإن حياتنا تزداد ضآلة كلما تقدمنا في العمر لأننا رسمنا صورة ذهنية للكيفية التي ينبغي أن تسير عليها حياتنا مع الزمن هذا الانكماش التدريجي يخلق إحساساً بالتوقف عن التواصل مع الحياة بصورة فعالة.
هناك أعداد كبيرة من الناس ينتهون بعد سن التقاعد ويفقدون الإحساس بالإنتاج والتطلع للحياة ولذلك لا يملكون سبباً ملزماً للمستقبل. قد لايهم إذا ما كان عمرك ثمانية عشر عاماً أو ثمانين عاماً عندما لا يكون لديك دافع أو حافز للحياة فكلاهما موجودان في داخلك بغض النظر عن عمرك الزمني ينتظران منك القرار فقد دلت الإحصاءات أن أنجح الناس هم من يتخذون القرارات والخيارات النوعية في أي الأعمار كانوا. فإذا لم تتخذ أي قرارا حول كيفية تسيير حياتك فإنك ستكون في الواقع قد اتخذت قرارًا بأن يتخذه غيرك.
ومن جانب آخر فكر قليلًا هل هنالك فارق بين أن تكون مهتمًا بأمر ما وبين أن تكون ملتزمًا به، لا شك بأن هنالك فارقًا كبيراً بينهما. فكم مرة تقول أود ان أكون على هذه الصورة غير أن هذا القول لا يمثل التزامًا على الاطلاق بل هو تعبير عن ما تود أن تكون عليه، ولذلك فإنك لن تستطيع أن تقرر نوع الشخص الذي تكون عليه دون تجاوز الأعذار التي تحول دون إجرائك تغييرات نوعية في حياتك.
من كان يظن مثلًا أن قرار رجل هادئ شديد التواضع يكره الحرب من ناحية المبدأ كغاندي أن يحرر الهند من الحكم البريطاني. وهيلين كيلر التي بقرارها انتصرت على ثلاثة معوقات في حياتها فقد كانت صماء بكماء عمياء ولكن قرارها بتجاوز تلك المعوقات أصبحت أحد رموز الإرادة الإنسانية ووضعها -على حد تعبير مارك توين- أعظم شخصية في القرن التاسع عشر. وإيد روبرتس كان رجلًا عاديًا مقعدًا لا يستطيع الحركة إلا بالكرسي المتحرك، ولكنه أصبح إنسانًا فريدًا بحكم قراره بأن يتصرف فيما يتجاوز الحدود الظاهرية المفروضة عليه. فقد كان قد أصيب بالشلل من العنق فما دون منذ أن كان في الرابعة عشرة من عمره وهو يستخدم أداة للتنفس عانى صعوبات كبيرة إلى ان اتقن استعمالها لكي يعيش حياة يمكن ان توصف بأنها طبيعية أثناء النهار، بينما ينام داخل رئة حديدية أثناء الليل بعد ان صارع إيد روبرتس داء شلل الاطفال في معارك عديدة كاد يفقد فيها حياته كان يمكنه أن يكتفي بالتركيز على آلامه غير أنه قرر أن يقوم بعمل فريد يفيد به الآخرين. فماذا استطاع أن يفعل؟ حربه ضد المعوقات في حياة الفئات الخاصة أدت إلى تحسينات عديدة في حياتهم، فقد قرر مواجهة العديد من الأساطير الخرافية حول قدرات الأشخاص الذين يعانون من إعاقة بدنية، إذ حاول تعليم الناس وابتدع أجهزة عديدة من الممرات الصاعدة التي تستخدم لصعود الكراسي المتحركة إلى الطوابق العليا، إلى مواقع وقوف السيارات المعاقين إلى قضبان يمكن لهم أن يستعينوا بها لدى النهوض.
ولقد كان «إيد» أول شخص يعاني من شلل رباعي يتخرج من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، واحتل فيما بعد منصب إدارة إعادة التأهيل في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وبذلك كان اول معوق يتولى هذا المنصب. إيد روبرتس هو دليل قوي على أن المهم ليس الموقع الذي تبدأ منه، بل القرارات التي تتخذها حول الموقع الذي تصمم على الوصول اليه، وكل الأفعال التي قام بها بنيت على أساس لحظة قرار واحدة فريدة، قوية وملتزمة. وقرار سيكيرو هوندا مؤسس شركة هوندا ففي العام 1938م وحين كان طالبًا خرج بفكرة هي عبارة عن تطوير حلقة الصمام والتي تستخدم عادة للسيارات وتابع فكرته فإذا هي إختراع وقام ببيعه على شركة تويوتا تحول منها إلى فكرة أخرى وهي صناعة دراجة تسير بقوة محرك تدرج منها إلى صناعة دراجة (الليث الممتاز) وعند ذلك حصل على جائزة امبراطور اليابان وبعد ذلك اتجه لصناعة السيارات ونجح في صناعة سيارة هوندا. الإيجابي في هذه التجارب والمشروعات الكبيرة أن القرارات كانت وراء نتائجها.