شاركت مقالي الأسبوع الماضي مع عدد من الزملاء المتخصصين في مجال البرمجيات، واحتجت لترجمته ليصل إلى بعض القارئين بغير العربية، وفي هذا المقال أطرح رؤية أحد المختصين الذين يرون أن مشكلة أنظمة الموارد المؤسسية تتلخص في التكلفة العالية وعدم مطابقة المتطلبات، ليست مسؤولية المورد أو العميل، إنما هي مشكلة يتحملها الطرفان معا.
المشكلات المتعلقة بتخطيط موارد المؤسسات ثنائية الجانب، ولكن جميعها تقريبًا تتعلق بالافتراضات، يفترض منتج أنظمة الموارد المؤسسية أن لديه حلًا يمكن أن يكيف بسهولة مع احتياجات العميل، إذا كان العميل سعيدًا بقبول أي شيء يقدمه المورد من دون تغيير، أو تغيير شكلي، فسينجح المورد في تقديم النظام المناسب، إنما الواقع للأسف غير ذلك، فالافتراض أن متطلبات التغيير قليلة ليس صحيحا عموما، إنما ما يحدث أن يختلف المورد مع العميل عند تسليم النظام على المواصفات التي اتفق على تنفيذها، فإذا احتاج العميل إلى التغييرات الطفيفة وجدها مكلفة وتستغرق وقتا طويلا للتنفيذ، سيرضى العميل في النهاية بحل وسط بين ما يمكن للمنتج تقديمه واقعيا وما يريده العميل أو يحتاجه حقًا، الوجه الآخر من المشكلة أن العميل يفترض أن المنتج يمكن أن يلبي حاجاته من دون أن يغير طريقة عمله، فمن المعروف أن تتطلب جميع عمليات التنفيذ من العملاء إجراء تغييرات كبيرة على عملياتهم، قد تتحقق بعض المتطلبات، لكن بدلاً من توفير الوقت والمال للحصول على الجودة التي يأملونها، يُترك العملاء في وضع أسوأ مما كانوا عليه قبل النظام.
من أشهر الأمثلة لتوضيح الخلاف الذي يحدث بين المورد والعميل هو مثال عربة نقل الطلبات، فبعد أن يصف العميل متطلباته يتصور محلل النظم أن العميل بحاجة إلى دراجة نارية، فينقل المحلل هذا المتطلب إلى زميله مصمم النظام، فيستقر في ذهن مصمم النظام أن العميل يحتاج سيارة، يعطى التصميم إلى الفريق الهندسي فينتهي بعد عمل شاق إلى توريد عربة نقل كبيرة يفاجأ بها العميل، لم يكن العميل بحاجة إلى عربة نقل أو سيارة أو حتى دراجة نارية، إنما كل الذي يحتاجه دراجة هوائية لتوزيع الصحف في حيه الصغير فقط.
في نهاية الأمر لا يستفيد أحد من المشكلة حتى وإن كانت الشركات المصنعة لتخطيط موارد المؤسسات ما زالت تورد منتجاتها، وعلى الرغم من كوارث أنظمة الموارد التي نسمع بها، لايزال العملاء على استعداد لقبول عرض محفوف بالمخاطر اعتقادا أن بدائلهم قليلة أو لا بدائل لهم إطلاقا، ورغم تقدم التقنية في مجالات مختلفة إلا أن مشكلة البرمجيات مازالت قائمة ويقع فيها العملاء والموردون باستمرار على تفاوت طفيف بينهم، ورغم كل ما نعرفه اليوم، كيف يمكن للعملاء الذين يكرهون المخاطرة عموما ألا يدركوا صعوبة المهمة وما يجب عليهم عمله؛ لتفادي ما يمكن تفاديه مبكرا؟