لا أعرف كم مضى من العمر لأبلغ ما أريد، وإن عرفت تاريخ ميلادي فكم يوماً حييت منه، أسئلة تناثرت على جناح شاعر طار بخيالاته عبر الأثير بينما يتابع حواراً مفتوحاً مع سمو ولي العهد.. يلهم الأحلام، ويوثّق الحقائق معاً،
هكذا تساءلت كم مضى من ذلك الزمن الذي حييت فيه.. أبحث عن مثل هذا الأفق الممتد مستقبلًا مزهرًا، وقد عشت كل ما مضى موقناً بما تملكه بلادي من ثروات تبدأ بإنسانها وتنتهي بتضاريسها، كنت أتابعه فأراه يرسم أحلامي الطفولية في كرّاسته ثم يوقّع عليها عملاً ويقينًا، كنت حينها الطفل الذي كبر أو الكبير الذي عاد طفلاً.. لا فرق هكذا هكذا.. “حلم أمسي غدي .. وشهادة يومي تحققه!”
انتظرناك طويلًا يا سيدي.. وطناً من شغف.. وشغفا لا يفتأ يصنع التاريخ.. فمذ قيل لك وماذا بعد الثلاثين.. قلت الأربعين.. هنا فقط أدركت أن وعيي المبكر بوطنٍ أجمل مني.. أدرك أخيراً من يتركه لولدي وعياً من وطن..
شغلت العالمين بنا يا سيدي.. لا لأنك مالئ الدنيا وشاغل الناس رغمًا عن أعدائك ومنافسيك فحسب.. بل لأنك الوحيد بينهم الذي يحمل شعبه على كتفه كي يتكئ عليه، الوحيد الذي كلما أدرك ما أراد كان، وكلما كان ما أراد تحقّق، الوحيد الذي حرّر الإنسان من عبودية جهله، وأعاد لوعيه ما تناساه أكثر من أربعة عقود..!
نعم.. عدت لأحصي أيامي قبلك فكانت عمراً مديداً من الانتظار، وها أنا أحيا أيامي معك اليوم لأقول وقد تحققت الأحلام.. وتدفّق الإلهام نهراً ضوئياً في صحاري بلادنا.. كانت يومًا أو بعض يوم..
حفظك الله ياسيدي ملهماً وقائداً وأملاً لكل الشعوب التي انتظرتك طويلاً.