حينما أُطلق المصطلح، وانتشر في القرن الثامن عشر، كانت الصحافة في أوج ازدهارها، وقد آمن به أحد المفكرين الإيرلنديين الذي أكد أن السلطة الرابعة أهم من جميع السلطات مهما بلغت قوتها.
ولا يخفى على مطلع الأثر الذي من الممكن أن تُحدثه وسائل الإعلام باستخدام أدواتها، الذي قد يقلب الموازين، بما في ذلك إسقاط الحكومات، وتشريد الآمنين. ومع ظهور وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبح الأثر مضاعَفًا، إن لم يكن كارثيًّا، ولاسيما مع التقنيات الحديثة وأختها الأقل حداثة. فمن يتعامل بشكل يومي مكثف مع وسائل التواصل الاجتماعي سيجد نفسه عرضة للتأثر والانجراف إلى مسارات لم يألفها أو يرغب بدخولها، فضلاً عن اتخاذ وتبنِّي مواقف قد يكون أساسها خاطئًا أو غير صحيح.
ورغم كثرة المساهمين في تصحيح الأخبار التي ترد من أنحاء العالم، التي في الغالب مدعمة بالمحتوى المرئي، إلا أنه مع كل حدث جديد تُعاد سيناريوهات قديمة، وأفكار كانت رائجة، وأحاديث غير صحيحة، بحيث لا يمكن للمرء أن يرفضها جميعًا لمجرد الشك فيها!
ما حدث في أفغانستان الأيام الماضية كان مرعبًا؛ الكتل البشرية المذعورة في المطارات هربًا من بطش طالبان المتوقع، والهروب من الجحيم إلى الموت من خلال التعلق بأجنحة الطائرات، والتكدس داخل الطائرات في رحلات لا يعلم المتلقي إلى أين.. وغيرها، فمن يقف خلف تلك الصور؟!
جميعنا نعلم ما أحدثته طالبان في أفغانستان وما يمكن أن يحدث إن عادت بالأيديولوجيا السابقة نفسها، والجميع خائف ومترقب، بينما الفيديوهات الحديثة المنتشرة لأفرداها توضح أن هناك من ظهر من العتمة للنور، مُفَاجَئًا بالحياة التي لم يألفها وكان يبحث عنها، كاللعب في الألعاب الموجودة في الحدائق العامة وأكل الآيسكريم.. وغيرها. وفي المقابل يذكر معظم مطاردي الشائعات أن الفيديوهات والصور التي تركز على البطش والتسلط قديمة، وكانت في عهد طالبان قبل حرب أفغانستان 2001 والحكومة الأفغانية المنهارة.. فمن نصدق؟!
ما أخشاه أن تبقى الحقيقة حجر شطرنج في الإعلام كما في السياسة.