يقال إن الخيال هو بحرا لاساحل له ، يغوص فيه الكثير من الناس بالأحلام والأمنيات وقد تذهب العديد من السنوات خلف الوهم والسراب الخادع والكثير من الأشياء التي لاتمت للمستقبل والواقع بأية صله، خصوصا بعد الثورة الإلكترونية التي طرأت على العالم وجعلته وكأنه مدينة واحدة ، لاشك أن الذي يتحكم بمصير العالم هو الإقتصاد ( المال ) ، لذلك كافة الشركات العملاقة التي تقف خلف التكنولوجيا وكل مايخص البرامج وأدوات التواصل قد تكون ضد صحة الإنسان وهدر وقته والتركيز يتم على جني الأرباح ولا خلاف ولا جدال على ذلك ..
إذا ركزنا على إيجابيات التقنية فلاشك إنها قفزة علمية تختصر الكثير من الوقت والجهد لطالب العلم والمعرفة وكل مايفيد العقل والمجتمع بشكل عام ، ولكن المشكلة التي يعاني منها المجتمع هي الإقتناع بثقافة وتوجه المشاهير السلبيين الذين لايقدمون أي محتوى مفيد ، أصبح تأثيرهم أقوى من الأسرة والبيئة التعليمية ،والشركات التجارية تتعامل مع المشاهير بغرض الربح والتسويق للمنتج ، ولاشك أن هناك طرفا قد خسر وقته وجهده وصحته وإهتمامه في هذه الصفقه ، كانت الأسرة متماسكة ولها تأثير قوي ونظام حازم للأبناء وتوجيههم توجيه سليم ولكن الثورة الإلكترونية قلبت الموازين وأصبح تأثيرها السلبي واضح ..
أكثر مايؤلم الإنسان في الحياه هو الغربة والإبتعاد عن وطنه وأسرته ، في الوقت الحالي يعيش الكثير من الناس حالة ( الإغتراب الشخصي ) وهو نتيجة الدخول في العالم الإفتراضي فلاشك أنه يبتعد عن محيطه الأسري وينعزل تماما ، والعالم الإفتراضي يشعر الإنسان بتحقيق أهداف وأحلام وهمية بعيدة كل البعد عن الواقع ، وهي نتائج أولية للفشل على مستوى الحياة العلمية والأسرية والمادية عندما يصطدم بمرارة الواقع ، لذلك نتائجه خطيره جدا تجعل الشخص مكتئب ومضطرب بين السعادة اللحظية الوهمية والإكتئاب الشديد ومحاولة الهروب من المسؤوليات والأسرة والمجتمع ..
أثبتت الدراسات الإجتماعية والنفسية بأن العالم الوهمي نتيجته هي الفشل الحتمي أمام الواقع ، كنت في أحد الأماكن العامه وهو مركز ألعاب للأطفال وكان الغالبية منهم بنظارات طبية نتيجة ضعف البصر لديهم ، وهذا أمر خطير جدا والذي يتحمل المسؤولية هم الآباء والأمهات ، لاشك أن الأطفال أشقياء ولكنهم لايدركون مصلحتهم الصحية والعلمية وهم في سن الطفولة ، أصبحت الأم تحديدا تفاوض الطفل بإعطائه أحد الأجهزة مقابل السكوت وعدم الإزعاج وهذا يدمر الشبكية تدمير شبه كامل ، لذلك عيادات العيون مزدحمه لعلاج آفة ومخاطر الأجهزة الإلكترونية ، أحد الحلول هي الجلوس مع الأبناء وتنمية قدراتهم ومواهبهم وإستغلال أوقات الفراغ في الأنشطة الثقافية والرياضية ومشاركتهم وإبعادهم عن العالم الإفتراضي الذي يبعدهم عن محيطهم الإجتماعي وكأنهم غرباء ..
في دولة الصين تسمى ألعاب الفيديو والألعاب الأخرى والإدمان على الأجهزة الإلكترونية والبرامج ب ( المخدرات الإلكترونية ) و ( الأفيون الروحي ) كما نشرتها أحد الصحف المعروفه نتيجة خطرها ، وألزمت الصين الشركات التي تصنع الألعاب والأجهزة بوضع ساعة واحدة فقط يوميا للقاصرين بممارسة الألعاب والدخول للأجهزة ووضع نظام يعتمد تقنية التعرف على الوجه لعدم التحايل عليها ..
منظمة الصحة العالمية أدرجت الإدمان على الألعاب الإلكترونية ضمن نسختها الأخيرة من دليل تصنيف الأمراض التي سيبدأ تطبيقها عام 2022، واعتبرت الإدمان عليها اضطرابا صحيا ، حيث يضحي مدمنوها بأوقاتهم ومسؤولياتهم في سبيل البحث عن سعادة إفتراضية قد يفتقدونها في حياتهم ..
السعادة الحقيقية هي شعور الإنسان بالقرب من الله جلا وعلا وعدم مقارنته بالآخرين والقرب من أسرته وأصدقائه الإيجابيين والإبتعاد عن إدمان الأجهزة الإلكترونية ، والأجيال اليافعه هم أمانة لدى ذويهم ويجب الصبر و الحفاظ عليهم وعامل الوقت له دور فعال في تغيير القناعات والوصول إلى مرحلة النضوج والشعور بالمسؤولية ومن ثم خدمة أنفسهم ومجتمعهم ووطنهم بالشكل الصحيح ..