جدة – تحقيق – وطني
لا يكاد يختلف اثنان على أنّ بطالة المئات من شبابنا غير مبررة، ويجب أن يكون هناك قرار صارم من الجهات المسؤولة لوضع حد للبطالة، خصوصاً للمؤهلين جامعياً في مختلف التخصصات من جامعات المملكة أو ممن ابتعثوا إلى الخارج وعادوا بعد إكمال دراستهم في مختلف المجالات؛ لأنّه من غير المنطق والمعقول أن نترك أبناءنا يكتوون بنار البطالة بينما مئات الوظائف المؤهلين لها تدار وتشغل بواسطة وافدين من مختلف أنحاء العالم في القطاعين الخاص والعام.
ويضع الكثير من العاطلين ذكوراً وإناثاً الكثير من علامات الإستفهام حول مساهمة المواقع الإلكترونية التابعة للوزارات والإدارات الحكومية ومختلف الشركات والمؤسسات الكبرى في تكريس البطالة، وزيادتها عاماً بعد آخر، من خلال عدم البت في الطلبات المسجلة على مواقعها من قبل الشباب الباحث عن عمل، والذي لا يجد نافذةً يطل منها لتقديم طلبه، وعرض مؤهلاته، إلاّ تلك المواقع، بعد أن سدت في وجوههم إمكانية الالتقاء بالمسؤولين مباشرة.
وذكر “علاء الجهني” -خريج تخصص محاسبة من جامعة في نيوزلندا- أنّه جاء بعد انتهاء دراسته وابتعاثه، وكان يتوقع أنّه بمجرد أن يقدم طلب الوظيفة لأي دائرة حكومية أو شركة كبيرة سيجد القبول والترحيب منها، خصوصاً وأنّ معظم الأعمال الحسابية في الشركات الكبرى وبعض الجامعات الحكومية والوزارات يشغلها وافدون، مبيّناً أنّه على الرغم من تسجيل طلبه للوظيفة في عدد من مواقع التوظيف التابعة للشركات والوزارات والبنوك، إلاّ أنّه لم يأته رد حتى الآن، معتبراً أنّ هذه المواقع مجرد بوابات لتكريس البطالة ومنع المواطن من اللقاء بالمسؤول المباشر عن التوظيف، أو أنها بوابات لا يستجاب فيها، ولا يرد من خلالها، إلاّ على الذين لديهم واسطات!.
وأضاف أنّه أمر مؤسف أن يبتعث الشاب لأرقى الجامعات، ويأتي وهو يحلم بالوظيفة ليكمل خبراته الدارسية بالممارسة العملية، ويرمى على رصيف الانتظار، حتى ينسى كل ما تعلمه، بينما الوافدون يتمتعون بالأمن الوظيفي وهم غير مؤهلين للكثير من الأعمال التي يديرونها، ولكنهم اكتسبوا الخبرة من خلال الممارسة للعمل في المملكة، و”تعلموا الحلاقة في رؤوسنا”.
زمن غير محدد
وبيّن “محمد الرفاعي” أنّ الشاب عندما يذهب للتقديم والبحث عن عمل يستطيع من خلاله أن يبني مستقبله، مضيفاً: “الأعمال كثيرة في مختلف الإدارات الحكومية والشركات الكبيرة ولا مبرر إطلاقاً لوجود شاب أو فتاة من دون عمل في بلادنا، ولكنك لا تجد من يستقبلك إلاّ في الشركات والمؤسسات الصغيرة التي يبادرك المسؤول عن التوظيف فيها بالقول: ليس لدينا وظائف، أما الوزارات المنضوية تحت الخدمة المدنية والشركات الكبيرة فلا وجود للمراجعة المباشرة، بعد أن أصبحت كل وظائفها عن طريق البوابات الالكترونية فتعود أدراجك إلى المنزل، وتفتح موقع التوظيف لأكثر من جهة حتى إذا خابت واحدة تصيب أخرى، وتسجل معلوماتك الخاصة بالمؤهل، وأنت في قمة التفاؤل بأن الجواب والحصول على الوظيفة لن يطول وقته، وما هي إلا أسبوعان أو شهر وتجد جميع الجهات التي سجلت معلوماتك في مواقعها تتسابق للفوز بتوظيفك”.
وأشار إلى أنّ التفاؤل والأمل سرعان ما يتبدد عندما تمضي الأيام والشهور من دون جواب أو حتى اتصال؛ مما يدفع الشاب إلى العودة للمواقع التي سجل فيها، إلاّ أنّه يجد الصمت يحيط به، فيعود ويجدد طلبه، ويسجل معلوماته مرة أخرى، إذ ربما كان في المعلومات السابقة خطأ لم ينتبه له، ويراجع المعلومات التي سجلها؛ للتأكد أنّه لم ينس شيئاً، وينتظر مرة أخرى الرد من دون فائدة، وكأنّ هذه المواقع وجدت فقط حتى يبقى المسؤولون في أبراجهم العاجية، فيما يكتوي الشباب، من البطالة، مطالباً أنّ يكون ضمن تسجيل طلبات التوظيف في المواقع الخاصة بالإدارات والشركات الكبيرة تحديد لوقت الرد على الطلب، ليكون الإنسان على بينة، ولا يبقى منتظراً بلا طائل، وأن يرسل الرد للمتقدم عبر رسالة على جواله أو بريده الالكتروني.
سلبية غير مبررة
وأوضح “محمد الشريف” -خريج هندسة صناعية من الولايات المتحدة الأمريكية- أنّه عاد للوطن وهو يعتقد أنّ الجهات الحكومية او الشركات الكبيرة ستفتح أبوابها على مصاريعها له، وسيجد الوظيفة المناسبة بالأجر المناسب والمجزي، مبيّناً أنّه بدأ بحثه عن العمل من خلال البوابات الالكترونية للتوظيف في عدة مواقع، ولكنه حتى الآن لا يزال ينتظر الرد من دون فائدة!، متسائلاً: هل البوابات الخاصة بالتوظيف وضعت للتهرب من توظيف الشباب؟، من خلال تضييع وقته لدرجة تدفعه للملل والمعاناة وقتاً طويلاً، وهو الذي جاء وكل أسرته أمل أن يجد عملاً ووظيفة مناسبة، تساهم في صقل دراسته وتكسبه الخبرة والمعرفة، من خلال الممارسة العملية لما درسه وتخصص فيه.
وأضاف أنّ خادم الحرمين الشريفين يحرص على توفير فرص العمل المناسب لكل مواطن، ولكن الجهات المعنية بالتوظيف تتعامل مع هذه التوجيهات ببطء، ولهذا لا يزال مئات الخريجين والخريجات في مختلف التخصصات على رصيف الإنتظار للوظيفة، موضحاً أنّ القطاع الخاص رغم المبادرات المشرفة للبنوك والإتصالات وبعض وكالات السيارات بفتح المجال أمام الشباب السعودي، إلاّ أنّ هناك شركات كثيرة لا زالت تتعامل مع الشباب السعودي بسلبية غير مبررة إطلاقاً.
تحديث البيانات
وبيّنت “سماح الجهني” -خريجة محاسبة من جامعة الملك عبد العزيز منذ (11) عاماً- أنّها منذ تخرجها سجلت في موقع الخدمة المدنية، ومن ذلك التاريخ حتى الآن لم يرد عليها ديوان الخدمة المدنية، على الرغم من متابعتها للموقع، وتحديث معلوماتها كلما طلب منها ذلك، وفي كل مرة تجد جملة: “شكراً على تحديث المعلومات”، ولا شيء غير ذلك، مضيفةً: “لا أدري هل وضعت المواقع هذه من أجل البت في طلبات التوظيف من الخريجين والخريجات، أم أنّها فقط مجرد سجل معلوماتك وأنسى، بينما الذين يحصلون على الوظائف هم من لديهم واسطات؛ لأنّ بعض الخريجات بعدي بسنوات وبتقديرات ربما أقل توظفن، بينما ضاع من عمري أكثر من (11) عاماً، وأنا ما زلت أنتظر أن تتحول كلمة شكراً إلى وظيفة بعد كل هذه السنوات العجاف”.