عبد الله المديفر
يا صاحبي، لم أكن أرغب بنشر عتبي عليك في الصحف وأمام العلن، وكنت أتمنى أن تكون قصة «الألم» بيننا لأنني أحبك، ولكنك أبيت إلا أن تجعل الآلاف ينظرون إليّ وأنا طريح متشنج لا حول لي ولا قوة وسط قهقهات أصحابك الذين وثقوا الحكاية في رفوف التاريخ.
ألم تعلم يا صاحبي أنك لا تكون على قيد الإنسانية إلا إذا كنت على قيد الرحمة، والرحماء في الأرض يرحمهم الرحيم في السماء، ولا تجزع مني أني شعرت بالخيبة في تلك اللحظة والانهزام أمام الخيول البريطانية التي كانت تحدثني عن أول جمعية للرفق بالحيوان في عام ١٨٢٤م، وكنت أحدثهم عن حقوقنا التي اعتمدها لنا الإسلام قبل أربعة عشر قرناً!!.
يا صاحبي لأني أحبك فأنا أتمنى أن تدخل الجنة بسببي كما أدخل الله الجنة تلك الزانية البغي التي رأت كلباً في يوم حار يطيف بالبئر وقد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها فغفر الله لها، ولا أتمنى أن تدخل النار بسببي كما أدخل الله النار تلك المرأة التي عذبت الهرة وسجنتها ولم تطعمها ولم تسقها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت، فغضب الله عليها.
يا صاحبي، قد أنعم الله عليك بي، ولكنك عصيته بي، وغاب عنك في تلك اللحظة السادية قول ربك في القرآن: (والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون. ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون. وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم)، فالمنعم عليك بنعمة الأنعام لم يختم الآيات بأنه الرؤوف الرحيم عبثاً.
تمنيت يا صاحبي أن نبيكم الرحيم محمد -صلى الله عليه وسلم- كان بجواري حينها لأقع في حضنه الطاهر، وأذرف دموعي على يديه كما فعلها جمل ذاك الأنصاري الذي كان يجيعه ويؤذيه فقال النبي لصاحب الجمل: (أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه)، فمتى تتقي الله فيني؟.
يا صاحبي لقد أهنتني والعرب قبلك كانت تحترمني، وضربك بتلك العاصية الأليمة على رأسي قد ضرب مشاعري قبل أن يضرب هامتي، ويبدو أنك لم تستمع لجنادة بن جراد وهو يقول: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- بإبل قد وسمتها في أنفها، فقال رسول الله: (يا جنادة فما وجدت عضوا تسمه إلا في الوجه أما إن أمامك القصاص)، وأتمنى أن تعرف أنه ليست من الكرامة إهانة الكرامة.
تألمت من هجوم الناس القاسي عليك لأنك صاحبي، ولكن قسوتك عليّ كانت أشد قسوة، وأتمنى أن تحرك هذه الهجمة الروح التي في داخلك حتى تشعر بأهمية الروح.
ياصاحبي الحبيب، لا أريد أن أُروض إن كان هذا الترويض.