د. جاسم الياقوت
ما زال هناك من يفكر في تنفيذ أجندات وأفكار بعيدة عن مصلحتنا. لكن هناك ايضاً من تغير وأصبح يعلم أن حياتنا على ظهر هذا الكوكب يوجد بها حضارات مختلفة، وأن العيش الجماعي والتعاون الخالص بشفافية ودون رغبة في هدم الآخر هي السبيل لرخاء الجميع، واستفادة الجميع من خبرات وثروات الجميع. لا تزال صورة الأمير تشارلز الذي شارك في احتفالات الجنادرية توجد على صفحات الصحف العالمية وتتناقلها وكالات الأنباء. هذه هي روح مشاركة الأصدقاء. ونقل التهاني والتبريكات في كافة أرجاء الدنيا والعالم دون مصادرة لإرادة، أو رغبة في سيطرة أو تدخل لأغراض مختلفة.
وإذا تحدثنا عن تقدم الغرب في السابق، فإن هذه المقولة أصبح مشكوكا فيها الآن، وبالتالي سيكون التعاون بين الشرق والغرب، وبين منطقة الشرق الأوسط وفي قلبها البلاد العربية معاملة الند للند، فعلى صعيد الشركات، تدفقت الأموال العربية على الشركات الأوروبية المتعثرة، بحيث أصبحت اليد العربية ممتدة في مجالس إدارات تلك الشركات. بل إننا نرى مثلاً أن طيران الإمارات قد حصل على جائزة أفضل ناقلة في العالم لعام 2013 من سكاي تراكس. بل نرى مثلا في تقرير منظمة السياحة العالمية، السنوي لعام 2013 عن قطاع السياحة، ومستقبل القطاع حتى سنة 2030، أن السعودية قد احتلت المرتبة الأولى عربياً والعشرين عالميا بالنسبة لعدد السياح، كما أن الثروة البترولية تتركز في منطقة الشرق الأوسط. حتى البرامج النووية، وضعت كافة الدول العربية برامج نووية لتوليد الطاقة الكهربائية والاستفادة منها.
وقد أكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية معالي الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني أن رؤية دول مجلس التعاون تقوم على تحقيق الازدهار لدول وشعوب المجلس وإتاحة المجال أمام مواطنيها لتحقيق طموحاتهم الشخصية وتوفير تكافؤ الفرص لهم في الحصول على التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية والإسكانية وفرص العمل وإيجاد البيئة الآمنة والمستقرة في المجتمعات الخليجية. وأضاف أن دول مجلس التعاون تسعى لتحقيق خمسة أهداف استراتيجية رئيسية، وهي تعزيز الأمن الجماعي لدول المجلس وزيادة النمو الاقتصادي، والحفاظ على مستوى عال من التنمية البشرية، وتمكين دول المجلس من التعامل مع الأزمات باختلاف أنواعها بكفاءة وفاعلية والتعافي منها، وتعزيز مكانة مجلس التعاون إقليمياً ودولياً. ونوه بأن دول المجلس ترفض الهيمنة أو التحكم الدولي أو الإقليمي على منطقة الخليج العربي، وترفض التدخل في شؤونها الداخلية وتؤمن بالحوار وتنبذ استخدام القوة والعنف.
وإذا نظرنا إلى القطاع الصناعي، نرى أن الهيمنة الغربية بدأت تتبدد أيضاً حيث تشهد القارة الأفريقية انتعاشاً في الصناعة، رغم هيمنة قطاعي الزراعة والخدمات المدعومين بتصدير السلع، في وقت يتم فيه إنشاء العديد من المصانع حول مختلف أرجاء القارة. حيث بدأت الشركات العالمية تتجه صوب القارة، حيث تخطط «سرام»، ثاني أكبر شركة في العالم لصناعة مكونات الدراجات من مقرها في شيكاجو، لإنشاء مصنع في إثيوبيا. حيث قال إف كي داي مؤسس الشركة، إن المصنع الأول كان من نصيب جنوب أفريقيا مع التخطيط لإنشاء اثنين آخرين في كل من ممبسا بكينيا وأديس أبابا، في وقت شيدت فيه الصين مصنعاً للأحذية بالقرب من سرام. وبدأت إثيوبيا، التي لم تتخلص من براثن الماركسية بعد، نسبياً في جذب الشركات الصناعية الأجنبية. ويحقق النمو الصناعي في القارة، الذي يعتبر الأسرع في العالم في الوقت الحالي، سرعة مماثلة للقطاعات الاقتصادية الأخرى، حيث يبدو الدليل، كبيراً كان أو صغيراً، واضحاً في جميع أرجاء القارة السمراء. وتستغل كل من «إتش آند إم» السويدية، العاملة في صناعة الأزياء، و«بريمارك» الأيرلندية، الكثير من المواد من إثيوبيا، في حين تقوم «جنرال إليكتريك» ببناء مصنع لها في نيجيريا وتسعى «ماديكاس» الأمريكية لصناعة الشيكولاتة، لإضافة عمال جدد لقوتها العاملة البالغ قوامها نحو 650 عاملاً في جزيرة مدغشقر. كما تعكف شركة موبيوس للسيارات في كينيا لمالكها البريطاني جويل جاكسون، على صناعة سيارات رخيصة وقوية للعمل في طرق القارة الوعرة.
إن التعاون والمصالح المشتركة بين الجميع قد أصبح مطلباً وأمراً لا مفر منه. واي دولة ستحاول السيطرة لن تجد غير المجابهة من بقية القوى العالمية التي تسعى لتحقيق التعاون والتوازن بين شعوب العالم.