كشفت دراسة أمريكية جديدة أن دماغ المرأة يتعرض لتغيرات كبيرة خلال الحمل، منها العابر ومنها ما يستمر لفترات. ورصدت الدراسة انخفاضا كبيرا في قشرة الدماغ، وزيادة في سلامة البنية الدقيقة للمادة البيضاء الداخلية بالمخ، بالتزامن مع ارتفاع مستويات هرموني الاستراديول والبروجسترون.
قد تشير هذه التغيرات إلى ضبط دقيق لدوائر المخ
وأظهرت الفحوص انكماشا قدره 4% في المتوسط للمادة الرمادية، المعروفة باسم قشرة الدماغ، وهي قشرة متجعدة تشكل الطبقة الخارجية من الدماغ، في نحو 80% من مناطق الدماغ التي تمت دراستها. ولم يؤدِ الارتداد الطفيف بعد الولادة إلى عودة حجم القشرة إلى مستويات ما قبل الحمل.
كما أظهرت الفحوص زيادة بنحو 10% في سلامة البنية الدقيقة للمادة البيضاء الداخلية بالمخ، وهي مقياس لصحة وجودة الاتصال بين مناطق الدماغ، وبلغت ذروتها في أواخر الثلث الثاني من الحمل وأوائل الثلث الثالث، ثم عادت بعد الولادة إلى حالتها قبل الحمل.
وقالت لورا بريتشيت باحثة الدراسات العليا في جامعة بنسلفانيا والمشاركة في إعداد الدراسة: “من الممكن أن يكون هذا التغيير إشارة إلى ضبط دقيق لدوائر المخ، وهو أمر ليس بعيدا عما يحدث لجميع الشباب في أثناء الانتقال إلى مرحلة البلوغ عندما تصبح أدمغتهم أكثر تخصصا. قد تكون بعض التغيرات التي لاحظناها أيضاً استجابة للمطالب الفسيولوجية الكبيرة للحمل نفسه، مما يُظهر مدى قدرة الدماغ على التكيف”.
ويأمل الباحثون في أن يتمكنوا في المستقبل من دراسة مدى إمكانية أن يساعد الاختلاف في هذه التغيرات، على التنبؤ بظواهر مثل اكتئاب ما بعد الولادة، وكيف يمكن أن يؤثر تسمم الحمل، وهو حالة خطيرة من ارتفاع ضغط الدم قد تتطور في أثناء الحمل، على الدماغ.
يشار إلى أن الدراسة استندت إلى حالة واحدة، هي إليزابيث كراستيل، خبيرة علم الأعصاب الإدراكية بجامعة كاليفورنيا والمشاركة في إعداد الدراسة. وكراستيل أم لأول مرة أنجبت طفلا سليما عمره الآن أربعة أعوام ونصف العام، وكانت تبلغ من العمر 38 عاما عندما خضعت للدراسة، وعمرها الآن 43 عاما.
وقال معدو الدراسة بحسب كالة “رويترز”، إنهم منذ استكمالها لاحظوا النمط نفسه لدى العديد من النساء الحوامل الأخريات اللاتي خضعن لفحوص الدماغ، في إطار مبادرة بحثية مستمرة تسمى مشروع الدماغ الأمومي. ويهدفون إلى زيادة عدد الحالات التي يشملها المشروع إلى المئات.
بدورها أشارت إيميلي جاكوبس، خبيرة علم الأعصاب في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا كبيرة معدي الدراسة، إلى أن الدراسات السابقة التقطت صورا للدماغ قبل وبعد الحمل. لكن هذه الدراسة تراقب الدماغ في خضم فترة الحمل.