انطلقت في العاصمة السعودية الرياض أعمال مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16) لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، والذي يقام في ظل رعاية رشيدة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، تأكيدًا على التزام المملكة بالمساهمة في الجهود الدولية لحماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة.

يجمع “كوب 16” قادة من 197 دولة موقعة على الاتفاقية لمناقشة حلول فعالة لإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة ومواجهة التحديات المرتبطة بالجفاف والتصحر. ويمثل المؤتمر لحظة حاسمة لتعزيز العمل الدولي في هذا المجال، حيث تشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن تدهور الأراضي يؤثر على 40% من سطح الأرض، ما يهدد حياة 3.2 مليار شخص سنويًا، مع تزايد وتيرة الجفاف بنسبة 30% منذ عام 2000.
تتضمن أجندة المؤتمر الممتدة من 2 إلى 13 ديسمبر، سلسلة من المنتديات والفعاليات البارزة، تشمل الجلسات الوزارية والحوارات رفيعة المستوى التي تهدف إلى معالجة قضايا ندرة المياه واستصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف. ومن أبرز الفعاليات قمة “المياه الواحدة”، التي عقدت في الثالث من ديسمبر، بحضور قادة عالميين من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توكاييف ورئيس البنك الدولي أجاي بانجا.
كما شهد المؤتمر انطلاق منتدى “مبادرة السعودية الخضراء” بمشاركة واسعة من صناع السياسات والخبراء. ويهدف المنتدى إلى تبادل أفضل الممارسات في مجالات الطاقة والبيئة، وتسليط الضوء على المبادرات التي حققت تقدمًا ملموسًا.
وفي الفترة من 6 إلى 8 ديسمبر، يقام المنتدى الدولي الثاني لتقنيات التشجير، حيث يتم استعراض حلول مبتكرة ودروس مستفادة من مشاريع التشجير العالمية، بالإضافة إلى أبحاث حول إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة.
شاركت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بجناح خاص في المنطقة الزرقاء للمؤتمر. ويترأس الدكتور سالم بن محمد المالك وفد المنظمة، حيث تشارك الإيسيسكو في جلسات حوارية وتفاعلية لعرض مبادراتها البيئية المبتكرة، بما في ذلك الإطلاق التمهيدي لتقرير المنظمة حول أفضل الممارسات في تقليل مخاطر الكوارث وأنظمة الإنذار المبكر.
مبادرة الرياض العالمية لمكافحة الجفاف
أعلنت رئاسة المملكة للمؤتمر عن إطلاق “مبادرة الرياض العالمية لمكافحة الجفاف”، التي تهدف إلى تسريع الجهود الدولية لمعالجة هذه الأزمة العالمية من خلال نهج استباقي وشامل. وتأتي المبادرة كجزء من جهود المملكة لتعزيز التعاون متعدد الأطراف وإيجاد حلول مستدامة.

دور المملكة في قيادة العمل المناخي
يعد “كوب 16” المؤتمر الأول لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويمثل امتدادًا لرؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى تحقيق توازن بيئي واقتصادي مستدام. وأكد الدكتور أسامة فقيها، وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة ومستشار رئاسة المؤتمر، أن استضافة هذا الحدث تعكس التزام المملكة بمعالجة التحديات البيئية العالمية.
وأضاف: “إننا نأمل أن يسفر هذا المؤتمر عن تحقيق تقدم ملموس في استصلاح الأراضي وتعزيز القدرات لمواجهة الجفاف والتصحر. نحن بحاجة إلى تضامن عالمي لإيجاد حلول مستدامة لهذه الأزمات”.
في ظل الدعم السخي من القيادة السعودية، يتوقع أن يسهم مؤتمر “كوب 16” في رسم خارطة طريق تعزز العمل الدولي لمكافحة التصحر والجفاف، مع التركيز على التعاون مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية والشركات لتحقيق الأهداف المشتركة. كما يأمل القائمون على المؤتمر أن تسهم الجهود المبذولة في تحفيز تبني حلول عملية تحقق أهداف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.
وعليه يعد “كوب 16” بالرياض علامة فارقة في مسيرة العمل المناخي الدولي. وفي ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، تستمر المملكة في تعزيز مكانتها كقوة دافعة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وضمان مستقبل أكثر أمانًا للأجيال القادمة.

بقلم سلمان بن أحمد العيد
رئيس التحرير
salman201001@hotmail.com