تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما في تثقيف المجتمعات وحراكها على أرض الواقع، وقبل سنوات ارتبط الربيع العربي من فكر إلكتروني إلى الواقع وتلا ذلك احتجاجات اجتاحت وول ستريت في نيويورك وكذلك الاحتجاجات في هونغ كونغ ، ولعل المبادرات استفادت من تحويل مواقع التواصل الاجتماعي لأدوات تستخدمها منظمات متطرفة من أجل بث دعايتها وتوجيه الرأي العام بل أصبحت ساحة من ساحات التجنيد وبث الخطاب العنيف والمتطرف وأحياناً لمواجهة الخصوم وتحويله لأداة توجه العالم على المستوى السياسي بالتحديد.
من متابعة لتنظيم”الدولة الإسلامية” واستقطابها لاستراتيجية واضحة في الإعلام الاجتماعي عبر اتباع سياسة الحشد والتجمهر نرى أن العديد من الحسابات تبث محتواها وتوزع مقاطع الفيديو التي تتميز بالعنف وكذلك بسرعة تداولها بطريقة صادمة تجعل من العالم أن يتساءل من وراء الإستراتيجية هذه في ايصال صوتهم للعالم أجمع وفي غضون ساعات بسيطة بل وأصبح المحتوى أداة لاقناع بعض الشباب للانضمام لصفوف داعش حيث جذبت وفق تقرير الخارجية الأمريكية السنوي قبل عامين أكثر من ١٦ ألف مقاتل انضموا لهم من ٩٠ دولة مختلفة ، ولعل ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي يمثل واقع التنظيم من خطاب متطرف ودعوات للعنف خصوصاً أن المحتوى يتم تداوله بشكل لفظي وأحياناً مكتوب ويظهر ذلك في مفهوم أشبه بالميليشيات الإلكترونية التي تحرك موجات من الآراء والمواقف المختلفة ، ولذا دفعت الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي ومن أبرزها تويتر في إغلاق هذه الحسابات في خطوة اعتبرتها أداة للتصدي وتفكيك الخطاب خصوصاً أنها أصبحت وسائل تخاطب الناس بشكل عام فيما أعلن الاتحاد الأوروبي عبر وحدة متخصصة في رصد وملاحقة المتطرفين عن حملة واسعة لإيقاف خطر الإرهاب ولعلها أكبر حرب تشن في العالم الافتراضي باستخدام أساليب ذهنية تعمل على قتل الأفكار من مصادرها وتناقلها ، حتى وصلت عدد المواقع الإلكترونية لداعش وحدها لأكثر من ٩٦٠٠ موقع على الإنترنت.
إن قيم التواصل الحضاري بين البشر تكمن بالمشاركة الإيجابية والسلام وتعزيز احترام حقوق الإنسان وكرامته، مما يتيح إمكانية الحوار والفهم المتبادل، لغة العنف لغة ينبذها العالم ولا يرى لها مكاناً في آليات التواصل بينه، حرب الأفكار التي لا تنتهي قد تطول نهايتها، والمهم أن نحصن شبابنا ليفهم واقعه ورسالته بالحياة أنه خليفة الله في الأرض يعمرها بفكر وعمل صالح.